للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفَىْءُ والصدقاتُ. وقَرأ قولَ اللهِ: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾. وقرأ حتى بلَغ: ﴿وَفِي الرِّقَابِ﴾. فأمرهم اللهُ أن يوفُّوهم (١) منه، فليس ذلك من الكتابةِ. قال: وكان أبي يقولُ: ما لَه وللكتابةِ، هو من مالِ اللَّهِ الذي فَرَض له فيها نصيبًا (٢).

وأولَى القولينِ بالصوابِ في ذلك عندِى القولُ الثاني، وهو قولُ من قال: عنَى به إيتاءَهم سهمَهم من الصدقةِ المفروضةِ.

وإنَّما قُلنا: ذلك أولى القولينِ؛ لأنَّ قولَه: ﴿وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ﴾ أمرٌ من اللهِ تعالى ذِكرُه بإيتاءِ المكاتَبِين من ماله الذي آتَى أهلَ الأموالِ، وأمرُ اللهِ فرضٌ على عبادِه الانتهاءُ إليه، ما لم يخبْرهم أنَّ مراده الندْبُ؛ لِما قد بيَّنا في غيرِ موضعٍ من كتابِنا. فإذ كان ذلك كذلك، ولم يكنْ أخبَرنا في كتابِه ولا على لسانِ رسولِه Object ما أنه نَدْبُ، ففرضٌ واجبٌ. وإذ كان ذلك كذلك، وكانت الحجةُ قد قامت أنْ لا حقَّ لأحدٍ في مالِ أحدٍ غيرِه منَ المسلمين إِلَّا ما أوجَبه اللهُ لأهلِ سُهمانِ الصدقةِ في أموالِ الأغنياءِ منهم، وكانت الكتابةُ التي يقتضيها سيدُ المكاتَبِ من مكاتَبِه مالًا من مالِ سيدِ المكاتَبِ فيها، فيفادُ أنَّ الحقَّ الذي أوجبَ اللهُ له على المؤمنين أن يؤتُوه من أموالِهم، هو ما فَرَض على الأغنياءِ في أموالِهم له من الصدقةِ المفروضةِ؛ إذ كان لا حقَّ في أموالِهم لأحدٍ سواها.

القولُ في تأويلِ قوله تعالى: ﴿وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٣)﴾.


(١) في م: "يوفوها"، وفى ت ٢: "يؤتوهم".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٥٨٨ من طريق أصبغ عن ابن زيد قوله، وآخره من قول أبيه كما هنا.