للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيل له: ليس الأمرُ في ذلك على ما توهَّمْتَ، ولكنه كما ذكَرناه (١) عن عُبَيدِ (٢) اللَّهِ بن عبدِ اللَّهِ، أنهم كانوا إذا غابُوا في مَغازيهم، وتَخلَّف أهلُ الزَّمانةِ منهم، دفَع الغازِي مِفْتَاحَ مَسْكنِه إلى المُتَخَلِّفِ منهم، فأطلَق له في الأكلِ مما يَخْلُفُ (٣) في منزلِه مِن الطعامِ، فكان [المُتَخلِّفُ يتحوَّب] (٤) الأكلَ مِن ذلك وربُّه غائبٌ، فأعلَمه اللَّهُ أنه لا حرجَ عليه في الأكلِ منه، وأذِن لهم في أكْلِه. فإذ كان ذلك كذلك تَبَيَّنَ (٥) ألا معنَى لقولِ مَن قال: إنما (٦) أُنزلت هذه الآيةُ مِن أجلِ كراهةِ المُسْتَتْبِعِ أَكلَ طعامِ غيرِ المُسْتَتْبَعِ؛ لان ذلك لو كان كما (٧) قال مَن قال ذلك لقيل: ليس عليكم حَرَجٌ أن تأكُلوا مِن طعامِ غيرِ مَن أضافَكم، أو مِن طعامِ آباءِ مَن دَعاكم. ولم يَقُلْ: ﴿أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ﴾. وكذلك لا وجهَ لقولِ مَن قال: معنى ذلك: ليس على الأعمى حَرَجٌ في التخلفِ عن الجهادِ في سبيلِ اللَّهِ؛ لأن قولَه: هو ﴿أَنْ تَأْكُلُوا﴾ خبرُ و ﴿لَيْسَ﴾، ﴿أَنْ﴾ في موضعِ نصبٍ على أنها خبرٌ لها، فهي متعلقةٌ بـ ﴿لَيْسَ﴾، فمعلومٌ بذلك أن معنى الكلامِ: ليس على الأعمى حرجٌ أن يأكُلَ (٨) مِن بيتِه. لا ما قاله الذين ذكَرنا، من أنه لا حرجَ عليه في التخلفِ عن الجهادِ.

فإذ كان الأمرُ في ذلك على ما وصَفنا، تَبَيَّنَ أن معنى الكلامِ: لا ضِيقَ


(١) في ت ٢: "ذكرنا".
(٢) في ت ٢: "عبد".
(٣) في ت ٢، ف: "تخلف".
(٤) في م: "المتخلفون يتخوفون"، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣: "المتخلف يتخوف"، وفى ف "المتخوف يتخوف".
(٥) في ص: "فبين".
(٦) بياض في: ف
(٧) في ت ١، ت ٢: "ايا".
(٨) في ف: "تأكلوا".