للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جُرَيجٍ، عن مجاهدٍ: ﴿فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ﴾. قال: عيسى وعُزيرٌ والملائكةُ يكذِّبون المشركين بقولِهم.

وكان ابن زيدٍ يقولُ في تأويلِ ذلك ما حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا﴾. قال: كذَّبوكم بما تقولون، بما جاء مِن عندِ اللهِ، جاءتْ به الأنبياءَ، والمؤمنون آمنوا به وكذَّب هؤلاء (١).

فوجَّه ابن زيدٍ تأويلِ قولِه: ﴿فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ﴾. إلى: فقد كذَّبكم (٢)، أيُّها المؤمنون، المكذِّبون بما جاءهم به محمدٌ مِن عندِ اللهِ، بما تقولون مِن الحقِّ. وهو أنْ يكونَ خبرًا عن الذين كذَّبوا الكافرين في زعمِهم أنَّهم دعَوْهُم إلى الضلالةِ وأمَروهم بها، على ما قاله مجاهدٌ من القولِ الذي ذكَرناه عنه - أشبهُ وأولى؛ لأنَّه في سياقِ الخبرِ عنهم.

والقراءةُ في ذلك عندَنا: ﴿فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ﴾ بالتَّاءِ، على التأويلِ الذي ذكَرناه؛ لإجماعِ الحُجةِ من قرَأةِ الأمصارِ عليه. وقد حُكِى عن بعضِهم أنه قرَأه: (فقد كَذَّبُوكُمْ بمَا يَقُولُونَ) بالياءِ (٣)، بمعنى: فقد كذَّبوكم بقولِهم.

وقولُه جلَّ ثناؤه: ﴿فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا﴾. يقولُ: فما يستطيعُ هؤلاء الكفارُ صرفَ عذابِ اللهِ حينَ نزَل بهم عن أنفسِهم، ولا نَصْرَها من اللهِ حينَ عذَّبها وعاقبَها.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٦٧٣ من طريق أصبغ، عن ابن زيد.
(٢) في م: "كذبوكم".
(٣) هي قراءة ابن كثير في رواية قنبل. حجة القراءات ص ٥٠٩.