للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالنَّشْرِ من الموتِ أو (١) النومِ أشبهُ، كما صحَّت الروايةُ عن النبيِّ ﷺ أنه كان يقولُ إذا أصْبَح وقام مِن نومِه: "الحمدُ للهِ الذي أحْيانا بعدَ ما أماتَنا وإليه النشورُ" (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا (٣) بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (٤٨) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا (٤٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: واللهُ الذي أرسَل الرياحَ الملقِّحةَ (نُشُرًا): حياةً، أو (٤) مِنَ الحيا (٥) والغَيثِ الذي هو منزِلُه على عبادِه.

﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾. يقولُ: وأنزلنا من السَّحابِ الذي أنشَأْناه بالرياحِ من فوقِكم أيُّها الناسُ مَاءً طَهورًا؛

﴿لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا﴾. يعنى: أرضًا قَحِطةً عَذِيةً (٦) لا تُنْبِتُ.

وقال: ﴿بَلْدَةً مَيْتًا﴾. ولم يقلْ: مَيْتةً؛ لأنه أُرِيدَ بذلك: لنُحْيِيَ به موضعًا ومكانًا مَيْتًا. ونُسقِيَه مِن خَلْقِنا أنعامًا من البهائمِ، ﴿وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا﴾. يعنى بالأَناسيِّ جمعَ إنسانٍ، وجمَع أَناسيَّ، فجعَل اليَاءَ عِوَضًا من النونِ التي في "إنسانٍ". وقد يُجْمَعُ إِنسانٌ أناسِينَ، كما يُجْمَعُ البسْتانُ (٧)


(١) سقط من: ف، وفى م، ت ١، ت ٣: "و".
(٢) أخرجه البخارى (٦٣٢٥) من حديث أبي ذر، ومسلم (٢٧١١) من حديث البراء بن عازب.
(٣) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "نشرًا". وتنظر هذه القراءات ٢٥١ وما بعدها.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢: "إما".
(٥) في ت ١: "الحياة". والحيا: المطر. الوسيط (ح ى ى).
(٦) في ص، ت ١، ف: "عذبة"، والعذية: هي الأرض البعيدة من الأنهار والبحور والسباخ. اللسان (ع ذ ى).
(٧) في ص: "النسان"، وفى م: "النشيان"، وفى ت ١، ت ٢: "النسيان". وينظر معاني القرآن للفراء ٢/ ٢٦٩، ٢٧٠، واللسان (أ ن س).