للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الضحاكُ يقولُ في قولِه: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾: وهذه الآيةُ مكيةٌ نزَلت بمكةَ، ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ﴾. يعنى الشركَ والقتلَ والزنى جميعًا. لمَّا أنزَل اللَّهُ هذه الآيةَ قال المشركون مِن أهلِ مكةَ: يزعُمُ محمدٌ أن من أشرَك وقتَل وزنَى فله النارُ، وليس له عندَ اللَّهِ خيرٌ. فأنزَل اللَّهُ: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ﴾. مِن المشركين مِن أهِل مكةَ، ﴿فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾. يقولُ: يبدِّلُ اللَّهُ مكانَ الشركِ والقتلِ والزنى؛ الإيمانَ باللَّهِ والدخولَ في الإسلامِ، وهو التبديلُ في الدنيا، وأنزَل اللَّهُ في ذلك: ﴿يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾، يَعنيهم بذلك، ﴿لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾. يعنى ما كان في الشركِ، يقولُ اللَّهُ لهم: ﴿وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ﴾ [الزمر: ٥٣، ٥٤]. يدْعوهم إلى الإسلامِ، فهاتان الآيتان مكيتان، والتي في (النساء): ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾ [النساء: ٩٣] الآية. هذه مدنيةٌ، نزَلت بالمدينةِ، وبينَها وبينَ التي نزَلت في "الفرقانِ" ثمانى سنينَ، وهى مبهمةٌ ليس منها مَخرجٌ (١).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا أبو تُمَيْلةَ، قال: ثنا أبو حمزةَ، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ، قال: سُئل ابن عباسٍ عن قولِ اللَّهِ جلّ ثناؤُه: ﴿يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾. فقال (٢):


(١) ينظر تفسير البغوي ٦/ ٩٧.
(٢) هو لبيد بن ربيعة، وجاء في مسائل نافع ص ١٤١، والإتقان، ٢/ ٩٧، والدر المنثور ٤/ ٣٢٥ في تفسير قوله تعالى: ﴿إذ نفشت فيه غنم القوم﴾ هكذا:
بدِّلن بعد النفَشِ الوجيفا … وبعد طول الجرة الصريفا
وفى تفسير ابن أبي حاتم، وتفسير ابن كثير ٦/ ١٣٧:
بدلن بعد حره خريفا … وبعد طول النفس الوجيفا