للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان كلُّ ذلك يلزَمُه اسمُ اللغوِ، أن يقالَ: عُنِى به بعضُ ذلك دونَ بعضٍ. إذ لم يكنْ بخصوصِ (١) ذلك دلالةٌ من خبرٍ أو عقلٍ. فإذ كان ذلك كذلك، فتأويلُ الكلامِ: وإذا مَرُّوا بالباطلِ فسمِعوه أو رأَوه، مَرُّوا كرامًا. ومرورُهم كرامًا في بعضِ ذلك بألّا يسمَعوه، وذلك كالغناءِ، وفى بعض ذلك بأن يُعرضوا عنه ويَصفَحوا؛ وذلك إذا أُوذوا بإسماعِ القبيحِ من القولِ، وفى بعضِه بأن يَنهَوا عن ذلك؛ وذلك بأن يرَوا من المنكرِ ما يُغَيَّرُ بالقولِ، [فيُغيِّروه بالقولِ] (٢)، وفى بعضِه بأن يُضارِبوا عليه بالسيوفِ؛ وذلك بأن يَروا قومًا يقطَعون الطريقَ على قومٍ، فيستصرِخُهم المرادُ ذلك منهم، فيُصرِخونهم، وكلُّ ذلك مرورُهم كرامًا.

وقد حدَّثنا ابن بشارٍ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ، قال: ثنا محمدُ بنُ مسلمٍ، عن إبراهيمَ بن ميسرةَ، قال: مرَّ ابن مسعودٍ بلهوٍ مسرعًا، فقال رسولُ اللَّهِ ﷺ: "إنْ أصْبَحَ ابْنُ مَسْعُودٍ لكَرِيمًا" (٣).

وقيل: إن هذه الآيةَ مكيةٌ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن بشارٍ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ، قال: ثنا سفيانُ، قال: سمِعتُ السديَّ يقولُ: ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾. قال: هي مكيةٌ (٤).

وإنما عنَى السديُّ بقولِه هذا - إن شاء اللَّهُ - أن اللَّهَ نسَخ ذلك بأمرِه المؤمنين


(١) في م: "لخصوص".
(٢) سقط من: ت ١.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٧٣٨، وابن عساكر ٣٣/ ١٢٨ من طريق محمد بن مسلم به.
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٨٠ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن أبي حاتم.