للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولهِ تعالى: ﴿وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وما يَجِيءُ هؤلاء المشركين الذين يُكَذِّبونك ويَجْحَدون ما أَتَيْتَهم به يا محمدُ من عندِ ربِّك؛ من تذكيرٍ (١) وتنبيهٍ على مواضعِ حُججِ اللهِ عليهم على صدقِك، وحقيقةِ ما تَدْعوهم إليه مما يُحْدِثُه اللهُ إليك ويُوحِيه إليك؛ لِتُذَكِّرَهم به - إلا أعْرَضوا عن استماعِه، وترَكوا إعمالَ الفكرِ فيه وتدبُّرَه.

القولُ في تأويلِ قولهِ تعالى: ﴿فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: فقد كذَّب يا محمدُ هؤلاء المشركون بالذكْرِ الذي أتاهم من عندِ اللهِ، وأَعْرَضوا عنه، ﴿فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾. يقولُ: فسيأْتِيهم أخبارُ الأمرِ الذي كانوا به يَسْخَرون. وذلك وعيدٌ مِن اللهِ لهم أنه مُحِلٌّ بهم عقابَه على تَمادِيهم في كفرِهم، وتمرُّدِهم على ربِّهم.

القولُ في تأويلِ قولهِ تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: أولم يَرَ هؤلاء المشركون المكذِّبون بالبعثِ والنَّشْر إلى الأرضِ، كم أنْبَتنا فيها بعد أن كانت ميتةً لا نباتَ فيها، ﴿مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ﴾. يعنى بالكريمِ الحسنَ، كما يقالُ للنخلةِ الطيبةِ الحَمْلِ: كريمةٌ. وكما يقالُ للشاةِ أو الناقةِ إذا غَزُرَتا، فكثُرت ألبانُهما: ناقةٌ كريمةٌ، وشاةٌ كريمةٌ.

وبنحوِ الذي قلنا في تأويلِ ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "تذكيرهم".