للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمغرب، ودعاه إلى عبادتِه وإخلاصِ الألوهةِ له،

وأجابه فرعونُ بقولِه: ﴿لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ﴾: أتجعَلُني من المسجونين وَلَوْ جِئْتُكَ بشيءٍ مُبِين يُبينُ لك صدقَ ما أقولُ يا فرعونُ، وحقيقةَ ما أَدْعوك إليه؟ وإنما قال ذلك له موسى (١) لأن من أخلاقِ الناسِ السكونَ [إلى الإنصافِ] (٢)، والإجابةَ إلى الحقِّ بعد البيانِ، فلما قال موسى له ما قال من ذلك، قال له فرعونُ: فأتِ بالشيءِ المبيِّنِ حقيقةَ ما تقولُ، فإنَّا لن نَسْجُنَك حينئذٍ إن اتَّخَذْتَ إلهًا غيرى، ﴿إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾.

يقولُ: إن كنتَ مُحِقًا فيما تقولُ، وصادقًا فيما تَصِفُ وتخيرُ، ﴿فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ﴾. يقولُ جل ثناؤُه: فألقى موسى عصاه، فتحوَّلت ثعبانًا وهي الحيةُ الذَّكَرُ، كما قد بَيَّنْتُ فيما مضى قبلُ من صفتِه (٣).

وقولُه: ﴿مُبِينٌ﴾. يقولُ: يبينُ لفرعونَ والملأَ من قومِه أنه ثعبانٌ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن أبي بكر بن عبدِ اللَّهِ، عن شهرِ بن حَوْشَبٍ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ﴾. يقولُ: مُبِينٌ له خَلْقُ حيةٍ (٤)

وقولُه: ﴿وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ﴾. يقولُ: وأخرج موسى يدَه من جيبِه، فإذا


(١) سقط من: م.
(٢) في م: "للإنصاف".
(٣) ينظر ما تقدم في ١٠/ ٣٤٣، ٣٤٤.
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٥ إلى المصنف إلى قوله: ويراها. الآتي.