للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحُدِّثْتُ عن عمارِ بنِ الحسنِ، قال: ثنا ابنُ أبى جعفرٍ، عن أبيه، عن الرييعِ مثلَه (١).

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (٩٧)﴾.

يعنى بقولِه جل ثناؤُه: ﴿وَهُدًى﴾: ودليلٌ وبرهانٌ، وإنما سمَّاه اللهُ جل ثناؤُه هدًى لاهتداءِ المؤمنِ به، واهتداؤُه به اتخاذُه إياه هاديًا يَتْبعُه، وقائدًا يقْتادُ لأمرِه ونهيِه، وحلالِه وحرامِه. والهادى مِن كلِّ شيءٍ ما تَقدَّم أمامَه. ومِن ذلك قيل لأوائلِ الخيلِ: هَوادِيها. وهو ما تَقدَّم أمامَها، ولذلك (٢) قِيلَ للعُنقِ: الهادى. لتَقدُّمِها أمامَ سائرِ الجسدِ.

وأما البُشْرَى، فإنها البِشارةُ. أخْبَر اللهُ عبادَه المؤمنين أن القرآنَ لهم بُشْرَى منه؛ لأنه أعْلَمهم فيه ما أعدَّ لهم مِن الكرامةِ عندَه في جِنانِه، وما هم إليه صائرون في مَعادِهم مِن ثوابِه، وذلك هو البُشْرَى الذى (٣) بَشَّر اللهُ المؤمنين بها في كتابِه؛ لأن البِشارَةَ في كلامِ العربِ إعلامُ الرجلِ [الرجلَ ما] (٤) يكن به عالمًا مما يُسَرُّ به مِن الخيرِ، قبلَ أن يَسْمَعَه مِن غيرِه، أو يَعْلمَه مِن قِبَلِ غيرِه. وقد رُوِىَ عن قتادةَ في ذلك قولٌ قريبُ المعنى مما قُلْناه.

حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾: [جعَل اللهُ هذا القرآنَ هُدًى وبُشْرَى للمؤمنين] (٥)؛ لأن المؤمنَ


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ١٨١ عقب الأثر (٩٥٨) من طريق ابن أبي جعفر به.
(٢) في م، ت ٢: "كذلك".
(٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "التى".
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بما".
(٥) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.