للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكافرين. فنصَّ عليه باسمِه وعلى ميكائيلَ باسمِه، لئلا يقولَ منهم قائلٌ: إنما قال اللهُ: مَن كان عدوًّا للهِ وملائكتِه ورسلِه. ولسنا للهِ ولا لملائكتِه ورسلِه بأعداءٍ؛ لأنَّ الملائكةَ اسمٌ عامٌّ يَحتَمِلُ خاصًّا، وجبريلُ وميكائيلُ غيرُ داخِلَين فيه. وكذلك قولُه: ﴿وَرُسُلِهِ﴾. فلستَ يا محمدُ بداخلٍ فيهم. فنصَّ اللهُ تعالى ذكرُه على أسماءِ مَن زعَموا أنَّهم أعداؤُه بأعيانِهم؛ ليقطَعَ بذلك تلبيسَهم على أهلِ الضعفِ منهم، ويَحْسِمَ تمويهَهم أمورَهم على المنافقين.

وأما إظهارُ اسمِ اللهِ فى قولِه: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ﴾. وتكريرُه فيه -وقد ابتَدَأ أوَّلَ الخبرِ بذكرِه فقال: ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ﴾ - [فإرادةُ نَفْىِ الشكِّ عن سامعِ ذلك أن الذى هو عدوُّ من عادَى جبريلَ أو ملائكتَه أو رسلَه، اللهُ جلَّ ثناؤُه] (١)، ولئلّا يلتبِسَ -لو ظهَر ذلك بكنايةٍ، فقيل: فإنه عدوٌّ للكافرين- على سامِعِهِ- مَن المعنىُّ بالهاءِ التى فى قولِه (٢): فإنَّه. آللهُ (٣)، أم جبريلُ، أم ميكائيلُ؟ إذ لو جاء ذلك بكنايةٍ على ما وصَفْنا -فإنه- لالتَبَس (٤) معنى ذلك على مَن لم يُوقَّفْ على المعنىِّ بذلك؛ لاحتمالِ الكلامِ ما وصَفتُ.

وقد كان بعضُ أهلِ العربيةِ يوجِّهُ ذلك إلى نحوِ قولِ الشاعرِ (٥):

ليت الغرابَ غداةَ يَنْعَبُ دائبًا (٦) … كان الغرابُ مُقَطَّعَ الأوْدَاجِ (٧)


(١) سقط من: م.
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) بعده فى م: "أم رسل الله جل ثناؤه".
(٤) فى م: "يلتبس".
(٥) هو جرير بن عطية. والبيت فى ديوانه ١/ ١٣٦.
(٦) فى الديوان: "بالنوى".
(٧) الوَدَج: عرق فى العنق، وهما ودجان. تاج العروس (و د ج).