للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقولُ: إن "بل" إيجابٌ، والاستفهامُ في هذا الموضعِ إنكارٌ. ومعنى الكلام إذا قُرِئ كذلك: (بل آدْرَكَ): لم يَكُنْ ذلك، لم يُدْرِكْ علمُهم في الآخرةِ. وبالاستفهامِ قرَأ ذلك ابن مُحَيْصِنٍ على الوجهِ الذي ذكرتُ أن أبا عمرٍو أنكَره.

وبنحوِ الذي ذَكَرتُ عن المكيِّين أنهم قرءوه، ذُكر عن مجاهدٍ أنه قَرأه، غيرَ أنه كان يقرأُ في موضعِ "بل": (أم).

حدَّثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبد الله بنُ موسى، قال: ثنا عثمانُ (١) بنُ الأسودِ، عن مجاهدٍ أنه قرَأ: (أَمْ أَدْرَكَ عِلْمُهم) (٢).

وكان ابن عباس فيما ذُكر عنه يقرؤُه (٣) بإثباتِ ياءٍ في "بل" ثم يبتدئُ: (أدّارك)؟ بفتحِ ألفِها، على وجهِ الاستفهامِ، وتشديدِ الدالِ (٤).

حدَّثنا حميدُ بنُ مَسْعدةَ، قال: ثنا بشرُ بنُ المفضلِ، قال: ثنا شعبةُ، عن أبي حمزةَ، عن ابن عباسٍ في هذه الآيةِ: ([بلَى أدَّارَكَ] (٥) عِلْمُهم في الآخِرَةِ) أي: لم يُدرك (٦).

حدَّثنا محمدُ بنُ المثنى، قال: ثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: ثنا شعبةُ، عن أبي حمزةَ، قال: سمعتُ ابنَ عباسٍ يقرأُ: (بَلَى أَدَّارَكَ علْمُهم في الآخرةِ) إنما هو


(١) في ت ٢: "عمار".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٩١٤ من طريق عثمان بن الأسود به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١١٤ إلى الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر. وينظر البحر المحيط ٧/ ٩٢.
(٣) في م، ف: "يقرأ".
(٤) معاني القرآن للفراء، ٢/ ٢٩٩، وتفسير القرطبي ١٣/ ٢٢٦.
(٥) في ت ٢، ومصدرى التخريج: "بل آدرك". والمثبت موافق لنص المصنف قبله، ولما نص عليه الفراء والقرطبى في الموضعين السابقين.
(٦) أخرجه أبو عبيد في الفضائل ص ١٨٠ من طريق شعبة به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١١٤ إلى سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر.