للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في هذا الموضعِ (١).

﴿وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ﴾. يقولُ: وجعلنا السفينةَ التي أنْجَيناه وأصحابَه فيها عبرةً وعظةً للعالمين، وحُجَّةً عليهم.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ﴾ الآية. قال: أبْقاها اللهُ آيةً للناسِ بأعلَى الجُودِيِّ (٢).

ولو قيل: معنى قولِه: ﴿وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ﴾: وجعَلنا عقوبتنا إياهم آيةً للعالَمين. وجُعِل الهاءُ والألفُ فى قولِه: ﴿وَجَعَلْنَاهَا﴾ كنايةً عن العقوبةِ أو السَّخَطِ ونحوِ ذلك، إذ كان قد تقدَّم ذلك (٣) قولُه: ﴿فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ﴾ - كان وَجْهًا مِن التأويلِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكره لنبيِّه محمدٍ : واذْكُر أيضًا يا محمدُ إبراهيمَ خليلَ الرحمنِ، إذ قال لقومِه: اعبُدوا اللهَ أيُّها القومُ، دونَ غيرِه من الأوثانِ والأصنامِ، فإنه لا إلهَ لكم غيرُه، ﴿وَاتَّقُوهُ﴾. يقولُ: واتَّقوا سَخَطَه بأداءِ فرائضِه، واجتنابِ


(١) ينظر ما تقدم فى ١٢/ ٤١٠ وما بعدها.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٣٠٤٣ من طريق يزيد به، وعزاه السيوطى في الدر المنثور ٥/ ١٤٣ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) بعده فى م: "في".