للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذكرُه: أو لم يكفِ هؤلاء المشركين يا محمدُ، القائلين: لولا أُنزِل على محمدٍ آية من ربه. من الآيات والحججِ، أنَّا أَنزَلْنا عليك هذا الكتابَ، ﴿يُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾. يقولُ: يُقْرَأُ عليهم، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً﴾. يقولُ: إن فى هذا الكتابِ الذى أَنزَلْنا عليهم (١) لرحمةً للمؤمنين به وذكرى يتذكَّرون بما فيه من [عبرِه وعظاتِه] (٢).

وذُكِر أن هذه الآيةَ نزَلت من أجلِ أن قومًا من أصحابِ رسولِ اللهِ ﷺ انتَسخوا شيئًا من بعضِ كتبِ أهلِ الكتابِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابنِ جريجٍ، عن عمرِو بن دينارٍ، عن يحيى بنِ جعدةَ أن ناسًا من المسلمين، أتوا نبيَّ اللهِ ﷺ بكتبٍ قد كتَبوا فيها بعضَ ما يقولُ اليهودُ، فلما أن نظَر فيها (٣) ألقاها، ثم قال: "كفى بها حماقة قومٍ -أو ضلالة قومٍ- أن يَرْغَبوا عما جاءهم به نبيُّهم إلى ما جاء به غيرُ نبيِّهم إلى قومٍ غيرِهم" فنزَلت: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ (٤).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ


(١) في ت ٢: "عليه".
(٢) في م: "عبرة وعظة".
(٣) في ت ٢: "إليها".
(٤) ذكره الزيلعي في تخريج الكشاف ٣/ ٤٩ عن المصنف، وأخرجه الدارمي ١/ ١٢٤، وأبو داود في "المراسيل" ص ٢٢٣، وابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٣٠٧٢ من طريق عمرو به. وأخرجه الخطيب في "الموضح" ٢/ ٥٤٣ من طريق إبراهيم بن يزيد عن عمرو بن دينار، عن يحيى، عن أبي هريرة مرفوعًا. وعزاه السيوطى في الدر المنثور ٥/ ١٤٨ إلى ابن المنذر.