للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لإضافتِها إلى المقتادِ، قال: ومعناه: هاتِها على يَدَى مَن اقتادَها. وأنشَد أيضًا (١):

وإنَّ امْرَأً أَهْدَى إِلَيْكِ ودُونَه … مِن الأَرْضِ مَوْمَاةٌ وبَيْداءُ فَيْهَقُ

لمَحَقْوقَةٌ أَنْ تَسْتَجيبى لِصَوْتِه … وأن تَعْلَمى أَنَّ المُعَانَ مُوَفَّقُ

وحُكِى عن بعضِ العربِ سماعًا يُنْشِدُ:

أرأيْتِ إِذْ أَعْطَيْتُكِ الوُدَّ كُلَّه … ولمْ يَكُ عِنْدِى إِنْ أَبَيْتِ إباءُ

أمُسْلِمَتِى لِلْمَوْتِ أَنْتِ فَمَيِّتٌ … وَهَل لِلنُّفُوسِ المُسْلَماتِ بَقاءُ

ولم يُقلْ: فميِّتٌ أنا. وقال الكسائيُّ: سمِعتُ العربَ تقولُ: يدُكَ باسِطُها. يريدونَ أنت، وهو كثيرٌ في الكلامِ، قال: فعلَى هذا يجوزُ خفضُ "غيرُ".

والصوابُ من القولِ في ذلك عندَنا القولُ بإجازةِ جرِّ ﴿غَيْرَ﴾ في: ﴿غَيْرَ نَاظِرِينَ﴾ في الكلامِ، لا في القراءةِ؛ لما ذكَرنا من الأبياتِ التي حكَيْناها، فأما في القراءةِ فغيرُ جائزٍ في: ﴿غَيْرَ﴾ غيرُ النصبِ؛ لإجماع الحجة من القرأةِ على نصبِها.

وقولُه: ﴿وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا﴾. يقولُ: ولكن إذا دعاكم رسولُ الله فادخُلوا البيتَ الذي أذِن لكم بدخولِه، ﴿فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا﴾. يقولُ: فإذا أكَلتُم الطعامَ الذي دُعِيتُم لأكْلِه فانتشِروا، يعنى فتَفرَّقوا واخرُجوا من منزلِهِ، ﴿وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ﴾. [يقولُ تعالى ذكرُه: لا تدخُلوا بيوتَ النبيِّ إلا أن يؤذَنَ لكم إلى طعامٍ غيرَ ناظرين إناهُ وغيرَ مستأنسينَ لحديثٍ] (٢). وقولُه: ﴿وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ﴾. في موضعِ خَفْضٍ عطفًا به على ﴿نَاظِرِينَ﴾، كما يقالُ في الكلامِ: أنت غيرُ ساكتٍ ولا ناطقٍ. وقد يَحتمِلُ أن


(١) تقدم تخريجهما في ١٧/ ٥٤٦.
(٢) سقط من: م.