للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليوم في شيء من العروض، فإذا كان في غدٍ فصر إليَّ، وطلبتُ من صديق لي العروض للخليل بن أحمد فجاء به، فنظرت فيه ليلتي فأمسيتُ غير عروضي وأصبحت عروضيًّا (١).

وقال أبو محمد عبد العزيز بن محمد الطبري: كان أبو جعفر من الفضل والعلم والذكاء والحفظ على ما لا يجهله أحد عَرَفه؛ لجمعه من علوم الإسلام ما لم نعلمه اجتمع لأحد من هذه الأمة (٢).

صفاته الخلقية والخُلقية:

فإن كانت المكانة العلمية لابن جرير محل ثناء العلماء وتقديرهم، فإن الناحية الأخلاقية كانت منه بالمنزل نفسه، فقد كان عفيف النفس، زاهدًا، ورعًا، كريمًا، قال مخلد بن جعفر الدقاق: أنشدنا محمد بن جرير لنفسه:

إذا أعْسَرْتُ لم يَعْلَمْ رفيقي … وأستغني فيستغني صديقي

حيائي حافِظٌ لي ماءَ وجهي … ورفْقي في مطالبتي رفيقي

ولو أني سمحتُ بماءِ وجهي … لكنت إلى العلى سهل الطريق

قال: وأنشدنا أيضًا:

خُلُقان لا أرضى طريقهما … بطرُ الغنى ومذلةُ الفقر

فإذا غنيت فلا تكن بَطرًا … وإذا افتقرت فته على الدهر (٣)

قال الفرغاني: سمعته يقول: أبطأتْ عني نفقة والدي، واضطررت إلى أن


(١) معجم الأدباء ١٨/ ٥٦.
(٢) المرجع السابق ١٨/ ٥٩.
(٣) "تاريخ بغداد" ٢/ ١٦٥، والمنتظم لابن الجوزي ١٣/ ٢١٦، سير أعلام النبلاء ١٤/ ٢٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>