للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (١١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ﴾ أيها الناسُ، ﴿مِنْ تُرَابٍ﴾. يَعْنى بذلك أنه خلَق أباهم آدمَ مِن ترابٍ، فجعَل خلقَ أبيهم منه لهم خلًقا، ﴿ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ﴾. يقولُ: ثم خلَقكم من نطفةِ الرجلِ والمرأةِ، ﴿ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا﴾. يعنى أنه زوَّج منهم الأنثى مِن الذكرِ.

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ﴾. يعني آدمَ، ﴿ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ﴾. يعني ذرَّيته، ﴿ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا﴾، فزوَّج بعضكم (١) بعضًا (٢).

وقولُه: ﴿وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وما تحملُ مِن أنثى منكم أيُّها الناسُ مِن حمل، ولا تضعُ (٣) إلا وهو عالمٌ بحملها إياه (٤). ووضعِها، وما هو ذكرٌ أو أنثى، لا يخفَى عليه شيءٌ مِن ذلك.

وقولُه: ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ﴾. اختلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ ذلك؛ فقال بعضُهم: معناه: وما يُعمَّرُ مِن معمرٍ فيطولُ عمره، ولا يُنقصُ من عمرٍ آخرَ غيرِه عن عمر هذا الذي عُمِّر عمرًا طويلًا، ﴿إِلَّا فِي


(١) في الأصل: "بعضهم".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٤٦ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، وذكره القرطبي في تفسيره ١٤/ ٣٣٢ عن سعيد عن قتادة.
(٣) في م، ت ١: "نطفة".
(٤) في الأصل: "أيضاه".