للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في ذلك ثَقُل، فسكَّنا الهمزةَ (١)، كما قال الشاعرُ (٢):

إذا اعْوَجَجْنَ قلتُ صاحِبْ قَوَّمِ

فسكَّن الباءَ؛ لكثرةِ الحركاتِ.

والصوابُ مِن القراءةِ في ذلك عندنا ما عليه قرأةُ الأمصارِ، من تحريكِ الهمزةِ فيه إلى الخفضِ (٣). وغير جائزٍ في القرآنِ أن يُقْرَأَ بكلِّ ما جاز في العربيةِ؛ لأن القراءةَ إنما هي ما قرَأَت به الأئمةُ الماضيةُ، وجاء به السلفُ على النحوِ الذي أخَذوا عمن قبلَهم.

وقولُه: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾. يقولُ: ولا يَنْزِلُ المكرُ السيئُ إلا بأهلِه، يعني: بالذين يَمْكُرونه. وإنما عنَى أنه لا يحِلُّ مكروهُ ذلك المكرِ الذي مكَره هؤلاء المشركون إلا بهم.

وقال قتادةُ في ذلك ما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾: وهو الشركُ (٤).

وقوله: ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فهل يَنْتَظِرُ هؤلاء المشركون من قومك يا محمدُ إلا سنةَ اللهِ [في الأولين الذين مضَوْا قبلَهم، وذلك إحلالُ اللهِ] (٥) بهم في عاجلِ الدنيا على كفرهم به، أليمَ العقابِ. يقولُ: فهل يَنْتَظِرُ هؤلاء إلا أن أُحِلَّ بهم من نِقْمتى على شركِهم بي، وتكذيبِهم رسولى، مثلَ الذي أحْلَلْتُ بمَن قبلَهم مِن أشكالِهم مِن الأممِ؟!

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿فَهَلْ


(١) ينظر السبعة لابن مجاهد ص ٥٣٥، ٥٣٦، وإتحاف فضلاء البشر ص ٢٢٣.
(٢) البيت لأبي نخيلة السعدى، ينظر الكتاب ٤/ ٢٠٣، ومعاني القرآن للفراء ٢/ ٣٧١، واللسان (ع و م).
(٣) القراءتان كلتاهما صواب.
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٥٦ إلى المصنف وعبد بن حميد
(٥) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.