للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقرَأه عامةُ قرأةِ الكوفيين بعدُ: ﴿لَا يَسَّمَّعُونَ﴾ بمعنى: لا يتسمَّعون، ثم أدغَموا التاءَ فى السينِ فشدَّدوها (١).

وأولى القراءتين فى ذلك عندى بالصوابِ قراءةُ مَن قرَأه بالتخفيفِ (٢)؛ لأن الأخبارَ الواردةَ عن رسولِ اللهِ ﷺ وعن أصحابِه، أن الشياطينَ قد تتسمَّعُ (٣) الوحىَ، ولكنها تُرْمَى بالشُّهُبِ لئلا تَسْمَعَ.

ذكرُ روايةِ بعضِ ذلك

حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا وكيعٌ، عن إسرائيلَ، عن أبى إسحاقَ، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ، عن ابنِ عباسٍ، قال: كانت للشياطينِ مقاعدُ فى السماءِ. قال: فكانوا يَسمَعون الوحىَ. قال: وكانت النجومُ لا تُجرَى (٤)، وكانت الشياطينُ لا تُرْمَى. قال: فإذا سمِعوا الوحىَ نزَلوا إلى الأرضِ، فزادوا فى الكلمةِ تسعًا. قال: فلما بُعِثَ رسولُ اللهِ ﷺ جعَل الشيطانُ إذا قعَد مقعدَه جاءه شهابٌ، فلم يُخْطِه حتى يَحرِقَه. قال: فشكَوا ذلك إلى إبليسَ، فقال: ما هو إلا لأمرٍ حدَث. قال: فبَثَّ (٥) جنودَه، فإذا رسولُ اللهِ ﷺ قائمٌ يُصلِّى بينَ جَبَلَىْ نخلةَ. قال أبو كريبٍ: قال وكيعٌ: يعنى بطنَ نخلةَ. قال: فرجَعوا إلى إبليسَ فأخبَروه. قال: فقال: هذا (٦) الذى حدَث (٧).


(١) قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وأبو عمرو، وعاصم فى رواية أبى بكر بتخفيف السين، وقرأ حمزة والكسائى وحفص عن عاصم بالسين مشددة. السبعة ص ٥٤٧.
(٢) القراءتان كلتاهما صواب.
(٣) فى الأصل: "تسمع".
(٤) فى الأصل: "تدرى".
(٥) فى م: "فبعث".
(٦) فى الأصل: "هو".
(٧) أخرجه أحمد ٤/ ٢٨٣، ٢٨٤ (٢٤٨٢)، والترمذى (٣٣٢٤)، والطبرانى (١٢٤٣١) من طريق =