للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَدِم أهلُ نَجْرانَ مِن النصارَى على رسولِ اللهِ ﷺ، أتَتْهم أحبارُ يهودَ، فتنازَعوا عندَ رسولِ الله ﷺ، فقال رافعُ بنُ حُرَيْمِلةَ: ما أنتم على شيءٍ. وكفَر بعيسى ابنِ مريمَ وبالإنجيلِ، فقال رجلٌ مِن أهلِ نجرانَ مِن النصارى: ما أَنتم على شيءٍ. وجحَد نبوَّةَ موسى وكفَر بالتوراةِ، فأنزَل اللهُ في ذلك مِن قولِهما: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ﴾ إلى قولِه: ﴿فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ (١).

حُدِّثْتُ عن عمارِ بنِ الحسنِ، قال: ثنا ابنُ أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ قولَه: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ﴾. قال: هؤلاء أهلُ الكتابِ الذين كانوا على عهدِ النبيِّ ﷺ (٢).

وأما تأويلُ الآيةِ فإنه: وقالت اليهودُ: ليست النصارَى في دينِها على صوابٍ. وقالت النصارى: ليست اليهودُ في دينِها على صوابٍ.

وإنما أخْبَر اللهُ عنهم بقيلِهم ذلك المؤمنين (٣)، إعلامًا منه لهم تَضْييعَ (٤) كلَّ فريقٍ منهم حُكمَ الكتابِ الذي يُظْهِرُ الإقرارَ بصِحتِه وأنه مِن عندِ اللهِ، وجحودَهم مع ذلك ما أنزَل اللهُ فيه مِن فروضِه؛ لأن الإنجيلَ الذي تَدينُ بصِحتِه وحقيقتِه النصارى، يُحققُ ما في التوراةِ مِن نبوَّةِ موسى، وما فرَض اللهُ على بنى إسرائيلَ فيها مِن الفرائضِ، وأن التوراةَ التي تَدينُ بصحتِها وحقيقَتِها اليهودُ، تُحققُ نبوَّةَ عيسى، وما


(١) سيرة ابن هشام ١/ ٥٤٩، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٠٨ (١١٠٣) من طريق سلمة به.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٠٩ عقب الأثر (١١٠٥) من طريق ابن أبي جعفر به.
(٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "للمؤمنين".
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بتضييع".