للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعضٍ، ثم ما يُتِمُّ شرابَه حتى (١) حتى يملأَه من دموعِه، وكان يقالُ: إن دمعةَ داودَ تَعْدِلُ دمعة الخلائقِ، ودمعةَ آدم تعدلُ دمعة داود ودمعة الخلائق. قال: فهو يجيءُ يومَ القيامة خطيئته مكتوبةٌ بكفِّه، فيقولُ: ربِّ ذنبي ذنبي، قَدِّمْني. قال: فيُقَدَّمُ، فلا يَأْمَنُ، فيقولُ: ربِّ أَخُرْنى. فيُؤَخِّرُ فلا يأمن (٢).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا ابنُ وهبٍ، قال: أخبرني ابن لَهيعةَ، عن أبي صخرٍ، عن يزيد الرَّقاشيِّ، عن أنس بن مالك، سمعه يقولُ: سمعتُ رسول الله ﷺ يقولُ: "إن داود النبي ﷺ حين نَظَر إلى المرأةِ فَأَهِمَّ، قطَع على بني إسرائيلَ بَعْثًا (٣) فأوصى صاحب البعث فقال: إذا حضر العدوّ، فقَرَّبْ فلانًا بينَ يَدَى التابوتِ. وكان التابوتُ في ذلك الزمانِ يُسْتَنْصَرُ به؛ مَن قُدِّمَ بينَ يَدَى التابوتِ لم يَرْجِعْ حتى يُقْتَلَ أو يَنْهَزِمَ عنه الجيشُ، فقُتِل زوج المرأة، ونزل الملكان على داودَ يَقُصَّانِ عليه قصته، ففَطِن داود، فسجد، فمكث أربعين ليلة ساجدا، حتى نبت الزرعُ مِن دموعِه على رأسه، وأكَلَت الأرضُ جَبينَه، وهو يقولُ في سُجُودِه -فلم أُحْصِ مِن الرَّقاشِيِّ إلا هؤلاء الكلمات-: رَبِّ، زَلَّ داودُ زَلَّةٌ أَبْعَدَ مِمَّا (٤) بينَ المشرقِ والمغرب (٥)، إن لم تَرْحَمْ ضعف داودَ وتَغْفِرْ ذنبه، جعلت ذنبه حديثا في


(١) في تاريخ المصنف: "شربه".
(٢) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٤٨٣. وأخرجه ابن أبي شيبة ١١/ ٥٥٢، وهناد في الزهد (٤٥٤) - من طريق ليث به نحوه مطولا. وذكره السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٠٤ بنحوه، وعزاه إلى عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد
(٣) سقط من النسخ والدر المنثور، والمثبت من تاريخ المصنف. وقطع بعثا: أي أَفْرَدَ قومًا يَبْعَثُهم في الغزو ويُعَيِّنهم من غيرهم. ينظر النهاية ٤/ ٨٢.
(٤) في م: (ما).
(٥) بعده في ت ٢، وتفسير البغوى: "رب".