للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُقامِكم على الدينِ الذي أنتم عليه مُقيمون، فلا حاجةَ بكم إلى قتلِه، فتَزِيدوا ربَّكم بذلك إلى سُخْطِه عليكم بكفرِكم سُخْطًا، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ﴾. يقول: إن الله لا يُوَفِّقُ للحقِّ من هو مُتعدٍّ (١) إلى فِعْلِ ما ليس له فِعلُه، ﴿كَذَّابٌ﴾: عليه يَكْذِبُ، ويقولُ عليه الباطلَ وغيرَ الحقِّ.

وقد اخْتَلَف أهلُ التأويلِ في معنى الإسرافِ الذي ذكَره المؤمنُ في هذا الموضعِ؛ فقال بعضُهم: عَنَى به الشركَ، وأراد: إن الله لا يهدى مَن هو مشركٌ به، مُفْتَرٍ عليه.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ﴾: مشركٌ أسرَف على نفسِه بالشركِ (٢).

وقال آخرون: عَنَى به مَن هو قَتَّالٌ سَفَّاكٌ للدماءِ بغيرِ حقٍّ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ﴾. قال: المسرفُ هو صاحبُ الدمِ. ويُقالُ: هم المشركون (٣).

والصوابُ من القولِ في ذلك أن يُقالَ: إن الله أَخْبَر عن هذا المؤمنِ أنه عَمَّ بقولِه: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ﴾. والشركُ مِن الإسرافِ،


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "معتد".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٥٠ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) ينظر البحر المحيط ٧/ ٤٦١.