للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ﴾. قال: قبلِ موسى.

وقولُه: ﴿فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ﴾. يقولُ: فلم تَزَالُوا مُرْتابين فيما أتاكم به يوسفُ من عندِ ربِّكم، غير مُوقِنى القلوبِ بحقيقتِه، ﴿حَتَّى إِذَا هَلَكَ﴾. يقولُ: حتى إذا مات يوسفُ قلتم أيُّها القومُ: لن يَبْعَثَ اللهُ مِن بعدِ يوسفَ إليكم رسولًا بالدُّعاءِ إلى الحقِّ، ﴿كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ﴾. يقولُ: هكذا يَصُدُّ اللهُ عن إصابةِ الحقِّ وقصدِ السبيلِ مَن هو كافرٌ به، ﴿مُرْتَابٌ﴾ شاكٌّ في حقيقةِ أخبارِ رسلِه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (٣٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه مخبرًا عن قيلِ المؤمنِ مِنْ آلِ فرعونَ: ﴿الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ﴾.

فقولُه: ﴿الَّذِينَ﴾ مَرْدودٌ على ﴿مَنْ﴾ في قولِه: ﴿مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ﴾.

وتأويلُ الكلامِ: كذلك يُضِلُّ اللهُ أهل الإسرافِ والغُلُوِّ فِي ضَلالِهم، بكفرِهم باللهِ واجْتِرائِهم على معاصيه، المُرْتابين في أخبارِ رسلِه، الذين يُخاصِمون في حُجَجِه التي أَتَتْهم بها رسلُه؛ ليُدْحِضوها بالباطلِ مِن الحُجَج، ﴿بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ﴾. يقولُ: بغيرِ حُجَّةٍ أَتَتْهم من عندِ ربِّهم يَدْفَعون بها حقيقةَ الحُجَجِ التي أَتَتْهم بها الرسلُ، ﴿الَّذِينَ﴾ - إذا كان معنى * الكلامِ ما ذَكَرْنا - في


* إلى هنا ينتهى الخرم في مخطوط الأصل والذي بدأ في ص ٢٧٦.