للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَشِيًّا﴾ (١) [مريم: ٦٢].

وقيل: عُنِى بذلك: أنهم يُعرَضون على منازلهم في النارِ؛ تعذيبًا لهم، غدوا وعشيًّا.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا﴾. قال: يُعرضون عليها صباحًا ومساءً، يُقال لهم: يا آل فرعونَ، هذه منازلكم. توبيخًا ونقمةً وصغارًا لهم (٢).

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿غُدُوًّا وَعَشِيًّا﴾. قال: ما كانت الدنيا (٣).

وأولى الأقوال في ذلك بالصوابِ أن يُقالَ: إن الله أخبر أن آلَ فرعونَ يُعرضون على النار غدوا وعشيا. وجائز أن يكون ذلك العرضُ على النار على نحو ما ذكرناه عن الهزيل (٤) بن شُرحبيلَ ومَن قال مثلَ قوله، وأن يكونَ كما قال قتادة، ولا خبَرَ بذلك يُوجِبُ الحجة بأن ذلك المعنيُّ به؛ فلا قول في ذلك إلا ما دلَّ عليه ظاهرُ القرآنِ، وهو أنهم يُعرضون على النارِ غدوا وعشيًّا. وأصلُ الغدوِّ والعشى (٥) مصادرُ جُعِلت أوقاتا.

وكان بعض نحويِّى البصرةِ يقولُ في ذلك: إنما هو مصدرٌ، كما تقولُ: أتيتُه ظلامًا. جعله ظرفًا وهو مصدرٌ. قال: ولو قلتَ: موعدك غدوةٌ. أو: موعدُك


(١) ينظر تفسير القرطبي ١٥/ ٣١٩، والبحر المحيط ٧/ ٤٦٨.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٥٢ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) تفسير مجاهد ص ٥٨٣، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٥٢ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣ "الهذيل"، وينظر ما تقدم في ص ٣٣٧.
(٥) بعده في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ويوم تقوم الساعة".