للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختلفت القرأةُ في قراءةِ قوله: ﴿وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (٥١) يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ﴾؛ فقرأ ذلك عامةُ قرأة المدينة والكوفةِ: ﴿وَيَوْمَ يَقُومُ بالياء، و: ﴿يَنفَعُ﴾ أيضًا بالياء (١). وقرأ ذلك بعضُ أهل مكة وبعضُ قرأةِ البصرة: (تَقُومُ) بالتاءِ، و: (تَنْفَعُ) بالتاء) (٢).

والصوابُ مِن القولِ في ذلك أنهما قراءتان معروفتان، بمعنًى واحدٍ، فبأيَّتِهما قرأ القارئُ فمصيبٌ. وقد بينا فيما مضَى أن العرب تذكُرُ فعلَ جمع الرجل وتُؤَنِّثُ إذا تقدَّم، بما أغنى عن إعادته (٣).

وعنى بقوله: ﴿وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾: يومَ يقوم الأشهادُ من الملائكةِ والأنبياء والمؤمنين على الأممِ المُكَذِّبِةِ رُسُلَها، بالشهادة بأن الرسل قد بلغتهم رسالاتِ ربِّهم، وأن الأم كذَّبَتهم. والأشهاد جمعُ شهيدٍ، كما الأشرافُ جمعُ شريفٍ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة: ﴿وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾: من ملائكة الله وأنبيائه والمؤمنين به (٤).

حدَّثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السُّديِّ: ﴿وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ (٥): يوم القيامة.


(١) وهى قراءة نافع وعاصم وحمزة والكسائي. السبعة لابن مجاهد ص ٥٧٢.
(٢) وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وابن عامر. المصدر السابق.
(٣) ينظر ما تقدم في ٥/ ٣٦٣ - ٣٦٥.
(٤) تفسير عبد الرزاق ٢/ ١٨٢ عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٥٢ إلى عبد بن حميد.
(٥) بعده في ت ٢ ت ٣: "من ملائكة الله وأنبيائه والمؤمنين".