للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول تعالى ذكره لنبيِّه محمد : قُلْ لهم يا محمد: ﴿هُوَ الَّذِى يُحيِ وَيُمِيتُ﴾. يقولُ: قُلْ لهم: ومِن صفتِه جلَّ ثناؤه أنه هو الذي يُحْيِي مَن يَشَاءُ بعد مماتِه، ويُميتُ مَن يشاءُ من الأحياءِ بعد حياتِه، ﴿فَإِذَا قَضَى أَمْرًا﴾. يقولُ: وإذا قضَى كونَ أمرٍ مِن الأمور التي يريد تكوينها، ﴿فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ﴾. يعنى: للذى يريد تكوينه: ﴿كُن﴾. فيكون ما أراد تكوينه موجودا بغير مُعاناةٍ ولا كُلفةِ مؤنةٍ.

وقوله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ﴾. يقول لنبيِّه محمد : ألم تَرَ يا محمد إلى (١) هؤلاء المشركين من قومِك، الذين يُخاصمونك في حُجَحِ الله وآياته، ﴿أَنَّى يُصْرَفُونَ﴾. يقولُ: أَيَّ وجهٍ يُصْرَفون عن الحقِّ، ويَعْدِلون عن الرُّشْدِ.

كما حدثنا بشرٌ، قال ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: ﴿أَنَّى يُصْرَفُونَ﴾: أنى يُكَذِّبون ويَعْدِلُونَ (٢).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيد في قوله: ﴿أَنَّى يُصْرَفُونَ﴾. قال: يُصْرَفون عن الحقِّ.

واختلف أهل التأويلِ في الذين عُنُوا بهذه الآيةِ؛ فقال بعضُهم: عُنى بها أهلُ القَدَرِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدثنا محمد بن بشارٍ ومحمد بن المثنى، قالا: ثنا مُؤمَّلٌ، قال: ثنا سفيانُ، عن داود بن أبي هند، عن محمد بن سيرين، قال: إن لم تَكُنْ هذه الآية نزلت في القَدَريةِ فإنى لا أدرى فيمَن نزلت: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى


(١) سقط من: م، ت ٢، ت ٣.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٥٧ إلى عبد بن حميد.