للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قال: الظنُّ ظنَّان؛ فظنٌّ منجٍ، وظنٌّ مُرْدٍ؛ قال: ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ﴾ [البقرة: ٤٦]. قال: ﴿إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ﴾ [الحاقة: ٢٠]. وهذا الظنُّ المنجى، ظنَّ (١) ظنًّا يقينًا، وقال هاهنا: ﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ﴾. هذا ظنٌّ مُرْدٍ (٢).

وقوله: وَقالَ الكافِرُونَ: ﴿إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ﴾ [الجاثية: ٣٢]. وذُكِر لنا أن نبيَّ اللَّهِ كان يقولُ ويروِى ذلك عن ربِّه: "عبدى عندَ ظنِّه بي، وأنا معه إذا دعاني" (٣). وموضعُ قولِه: ﴿وَذَلِكُمْ﴾. رفعٌ بقولِه: ﴿ظَنُّكُمُ﴾. وإذا كان ذلك كذلك، كان قولُه: ﴿وَذَلِكُمْ﴾. في موضعِ نصبٍ، بمعنى: مُردِيًا لكم. وقد يحتمِلُ أن يكون في موضعِ رفع بالاستئنافِ، بمعنى: مُردٍ لكم، كما قال: (تلكَ آيَاتُ الكِتابِ الحَكيمِ هُدًى وَرَحْمَةٌ) [لقمان: ٢، ٣]. في قراءةِ من قرَأه بالرفعِ (٤). فمعنى الكلام: وهذا الظنُّ الذي ظنَنتم بربِّكم من أنه لا يعلمُ كثيرًا مما تعمَلون، هو الذي أهلَككم؛ لأنكم من أجلِ هذا الظنِّ اجترَأتم على محارمِ اللَّهِ، فتقدَّمْتم (٥) عليها، وركِبتم ما نهاكم اللَّهُ عنه، فأهلَككم ذلك وأرداكم، ﴿فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾. يقولُ: فأصبَحتم اليومَ من الهالِكين؛ قد غُبِنتم ببيعِكم منازلَكم من الجنةِ بمنازلِ أهلِ الجنةِ، من النارِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (٢٤)﴾.


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) ذكره القرطبي في تفسيره ١٥/ ٣٥٣ بنحوه.
(٣) أخرجه أحمد ١٦/ ٥٦٤ (١٠٩٦١)، والبخارى في الأدب المفرد (٦١٦)، ومسلم (٢٦٧٥)، والترمذى (٢٣٨٨) من حديث أبي هريرة.
(٤) أي برفع (رحمة). وهى قراءة حمزة وحده والباقون على نصبها. السبعة لابن مجاهد ص ٥١٢.
(٥) في ص، م: "فقدمتم"، وفي ت ٢: "فتقدمهم".