للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأُدْخِل على "ما" وهى حرفُ جَحْدٍ "إن"، وهي أيضًا حرفُ جَحْدٍ؛ لاختلافِ اللفظِ بهما، وإن اتَّفَق معنياهما (١) توكيدًا للكلامِ. وكما قال أَوْسُ بنُ حَجَرٍ (٢):

وقَتْلَى كَمِثْل جُذوعِ النَّخيلِ … تَغَشَّاهُمُ مُسْبِلٌ مُنْهَمِرْ

ومعنى ذلك: كجذوعِ النخيلِ، وكما قال الآخرُ:

سعدُ بنُ زيدٍ إذا أبْصَرْتَ فضلَهُمُ … ما إنْ كمثلِهِمُ في الناسِ مِن أحدِ

والآخرُ: أن يكونَ معناه: ليس مثلَه شيءٌ. وتكونَ الكافُ هي المُدْخَلةَ في الكلامِ، كقولِ الراجزِ (٣):

وصالياتٍ ككَمَا يُؤَثْفَيْنْ

فأدْخَل على الكافِ كافًا؛ توكيدًا للتشبيهِ، وكما قال الآخرُ (٤):

تنْفِي الغَيادِيقَ على الطريقِ

قَلَّصَ عَن كبيضةٍ في نيقِ (٥)

فأَدْخَل الكافَ مع "عن".

وقد بيَّنا هذا في موضعٍ غيرِ هذا المكانِ، بشرحٍ هو أبلغُ من هذا الشرحِ، فلذلك تجَوَّزْنا في البيانِ عنه في هذا الموضعِ (٦).


(١) في م: "معناهما".
(٢) ديوانه ص ٣٠.
(٣) البيت في كتاب سيبويه ١/ ٣٢، ٤٠٨، ونسبه إلى خطام المجاشعي.
(٤) الرجز في الحيوان للجاحظ ٦/ ١٣٥ غير منسوب.
(٥) الغياديق: جمع الغيداق، هو ولد الضب فوق المُطَبِّخ، وقيل: هي الحيات، وقلص: ارتفع وصعد. والنيق: أرفع موضع في الجبل. اللسان (غ د ق، ق ل ص، ن ي ق).
(٦) تقدم في ١٣/ ٥٥٣، ٥٥٤.