للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليس أحدٌ مِن الخَلْقِ إلا له بابٌ في السماءُ يصعَدُ فيه عملُه وينزِلُ منه رزقُه، فإذا مات بكَى عليه مكانُه مِن الأرضِ الذي كان يذكُرُ اللَّهِ فيه ويُصلِّى فيه، وبكَى عليه بابُه الذي كان يصعَدُ فيه عملُه وينزِلُ منه رزقُه، وأما قومُ فرعونَ فلم يكنْ لهم آثارٌ صالحةٌ، ولم يصعَدُ إلى السماءِ منهم خيرٌ، فلم تبْكِ عليهم السماءُ والأرضُ (١).

وقولُه: ﴿وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ﴾. يقولُ: وما كانوا مؤخَّرين بالعقوبةِ التي حلَّت بهم، ولكنهم عُوجِلوا بها إذ أسْخَطوا ربَّهم Object عليهم.

﴿وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ولقد نجَّيْنا بني إسرائيلَ مِن العذابِ الذي كان فرعونُ وقومُه يعذِّبونهم به ﴿الْمُهِينِ﴾.

يعني: المذلِّ لهم.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ﴾: يُقَتَّلُ أبناءَهم، ويستحيى نساءَهم.

وقولُه: ﴿مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ولقد نجَّيْنا بني إسرائيلَ من العذابِ مِن فرعونَ.

فقولُه: ﴿مِنْ فِرْعَوْنَ﴾. مكرَّرةٌ على قولِه: ﴿مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ﴾.

مُبْدَلَةٌ مِن ﴿مِنَ﴾ الأولى.

ويعنى بقولِه: ﴿إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ﴾: إنه كان جبَّارًا مستعليًّا


(١) تقدم تخريجه في ص ٤٢.