للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيما أتاهم مَن الآياتِ مَن يؤمنُ بها وينتفِعُ بها ويضيِّعُها (١).

وأولى الأقوالِ في ذلك بالصوابِ أن يقالَ: إنّ اللَّهَ تعالى ذكرُه أخبرَ أنه آتى بنى إسرائيلَ مِن الآيات ما فيه ابتلاؤُهم واختبارُهم، وقد يكونُ الابتلاءُ والاختبارُ بالرخاءِ، ويكونُ بالشدَّةِ، ولم يضَعْ لنا دليلًا مِن خبرٍ ولا عقلٍ أنه عَنى بعضَ ذلك دونَ بعضٍ، وقد كان اللَّهُ اختبرَهم (٢) بالمعنَيَيْن كليهما جميعًا، وجائزٌ أن يكونَ عَنى اختبارَه (٣) إياهم بهما. فإذ كان الأمرُ على ما وصفْنا، فالصوابُ مِن القولِ فيه أن نقولَ كما قال جلَّ ثناؤُه: إِنَّه اختبَرهم.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ (٣٤) إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (٣٥) فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه مخبرًا عن قيلِ مشرِكي قريشٍ لنبيِّ (٤) اللَّهِ ﷺ: إِنَّ هؤلاء المشرِكين من قومِك يا محمدُ ليقولون:

ما هي إلا مَوْتَتُنا الأُولى التي نموتُها، وهى الموتةُ الأولى، فما نحن بمُنْشرين بعدَ مماتِنا، ولا بمبعوثين. تكذيبًا منهم بالبعثِ والثوابِ والعقابِ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ (٣٤) إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ﴾. قال: قد قال


(١) ذكره البغوي في تفسيره ٧/ ٢٣٣، والقرطبي في تفسيره ١٦/ ١٤٣ مختصرًا.
(٢) في ص، ت ٢، ت ٣: "أخبرهم".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "اختبارهم".
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "نبي".