للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ﴾. قال: قد بُيِّن له أنه قد غُفِر مِن ذنبِه ما تقدَّم وما تأخَّر (١).

وقال آخرون: بل ذلك أمرٌ مِن اللهِ جلَّ ثناؤُه نبيَّه أن يقولَه للمشركين مِن قومِه، ويعلمَ أنه لا يَدْرِى إلامَ يصيرُ أمرُه وأمرُهم في الدنيا؛ أيصيرُ أمرُه معهم أن يقتُلوه أو يُخرِجوه مِن بينِهم، أو يؤمِنوا به فيَتَّبِعوه، وأمرُهم إلى الهلاكِ كما أُهلِكت الأممُ المُكذِّبةُ رُسُلَها من قبلِهم، أو إلى التصديقِ له فيما جاءهم به من عندِ اللهِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا يحيى بنُ واضحٍ، قال: ثنا أبو بكرٍ الهُذَليُّ، عن الحسنِ في قولِه: ﴿وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ﴾. فقال: أمَّا في الآخرةِ فمعاذَ اللهِ، قد علِم أنه في الجنةِ حينَ أُخِذ ميثاقُه في الرسلِ، ولكن قال: ما أدْرِى ما يُفعلُ بي ولا بكم في الدنيا؛ أَخْرَجُ كما أُخرِجت الأنبياءُ قَبْلى، أو أُقْتَلُ كما قُتِلت الأنبياءُ مِن قَبْلى، ولا أدْرِى ما يُفْعَلُ بكم؛ أُمَّتى المُكذِّبةُ أم أُمَّتى المُصدِّقَةُ، أم أُمَّتي المَرْمِيَّةُ بالحجارةِ مِن السماءِ قَدْفًا، أم مخسوفٌ بها خَسْفًا، ثم أُوحى إليه: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ﴾ [الإسراء: ٦٠]. يقولُ: أحَطْتُ لك بالعربِ ألا يقتُلوك. فعرَف أنه لا يُقْتَلُ، ثم أنزَل اللهُ ﷿: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ [الفتح: ٢٨]. يقولُ: أشهَد لك على نفسِه أنه سيُظْهِرُ دينَك على الأديانِ، ثم قال له في أمتِه: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢١٥، ٢١٦ عن معمر به.