للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: بل عُنى بقوله: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ﴾. إرادتُهم الخروج مع نبيِّ الله Object في غزوه، وقد قال الله Object: ﴿فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا﴾ [التوبة: ٨٣].

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونُسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: ﴿سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ﴾ الآية. قال الله له Object حينَ رجَع من غزوه: ﴿فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا﴾ [التوبة: ٨٣] الآية. ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ﴾. أرادوا أن يُغَيِّروا كلام الله الذي قال لنبيِّه Object ويَخرُجوا معه، وأبى الله ذلك عليهم ونبيُّه Object (١).

وهذا الذي قاله ابن زيدٍ قولٌ لا وجه له؛ لأن قولَ اللَّهِ Object: ﴿فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا﴾ [التوبة: ٨٣]. إنما أُنزِل على رسولِ اللهِ Object مُنصَرَفَه مِن تبوك، وعُنى به الذين تخَلَّفوا عنه حينَ توَجَّه إلى تبوكَ لغزو الروم، ولا اختلافَ بينَ أهلِ العلم بمغازى رسول الله Object أن تبوك كانت بعدَ فتح خيبرَ، وبعدَ فتحِ مكة أيضًا، فكيف يَجوزُ أن يكون الأمرُ على ما وصَفْنا مَعْنيًّا بقولِ اللهِ: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ﴾. وهو خبرٌ عن المتخلِّفين عن المسير مع رسول الله Object إذ شخَص معتمرًا يُرِيدُ البيتَ، فصدَّه المشركون عن البيت - الذين تخلَّفوا عنه في غزوة تبوكَ، وغزوةُ تبوكَ لم تَكُنْ كانت يومَ نزَلَت هذه الآيةُ، ولا كان أُوحِى إلى رسول الله Object قوله: ﴿فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا﴾.


(١) ذكره البغوي في تفسيره ٧/ ٣٠٢، والقرطبي في تفسيره ١٦/ ٢٧١، وابن كثير في تفسيره ٧/ ٣٢٠.