للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه لنبيِّه محمدٍ : ولن تَجِدَ يا محمد لسنةِ اللهِ التي سنَّها في خلقه تغييرًا، بل ذلك دائمٌ، للإحسانِ جزاؤُه مِن الإحسانِ، وللإساءةِ والكفرِ العقابُ والنَّكالُ.

القول في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (٢٤)

يقولُ تعالى ذكرُه لرسوله والذين بايعوا بيعةَ الرضوانِ: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ﴾. يعنى: أن الله كفَّ أيدىَ المشركين الذين كانوا خرَجوا على عسكرِ رسولَ اللهِ بالحديبيةِ يَلْتَمِسون غِرَّتَهم؛ ليُصيبوا منهم، فبعَث رسولَ اللهِ فأُتِى بهم أسْرَى، فخلَّى عنهم رسولُ اللهِ ، ومنَّ عليهم ولم يَقْتُلُهم، فقال اللهُ للمؤمنين: وهو الذي كفَّ أيدى هؤلاء المشركين عنكم ﴿أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ﴾.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك جاءت الآثار.

ذكرُ الرواية بذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ عليِّ بن الحسنِ بن شَقيقٍ، قال: سمِعْتُ أبي يقولُ: أَخْبَرنا الحسينُ بنُ واقد، قال: ثنى ثابتٌ البُنانيُّ، عن عبدِ اللَّهِ بن مُغَفَّلٍ، أَن رسولَ اللَّهِ كان جالسًا في أصلِ شجرةٍ بالحديبيةِ، وعلى ظهرهِ غصنٌ مِن أغصانِ الشجرةِ، فرفَعْتُها عن ظهرِه، وعليُّ بنُ أبي طالبٍ بينَ يديه، وسهيلُ بنُ عمرٍو، وهو صاحبُ المشركين، فقال رسولُ اللهِ لعليٍّ: "اكْتُبْ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ". فأمْسَك سهيل بيدِه فقال: ما نَعْرِفُ الرحمنَ، اكْتُبْ في قضيتِنا ما نَعْرِفُ. فقال رسولُ الله : "اكْتُبْ: باسمك اللهمَّ". فكتَب، فقال: "هذا