للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (٢٩)﴾.

يعنى تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى﴾: اللهُ (١) الذي (٢) أرسَل رسولَه محمدًا Object بالبيانِ الواضحِ، ﴿وَدِينِ الْحَقِّ﴾، وهو الإسلامُ، الذي أرسَله داعيًا خَلْقَه إليه، ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾. يقولُ: ليُبطِلَ به المِلَلَ كلَّها حتى لا يكونَ دينٌ سِواه، وذلك كان كذلك، حتى ينزلَ عيسى ابن مريمَ، فيقتُلَ الدجالَ، فحينئذٍ تبطُلُ الأديانُ كلُّها، غيرَ دينِ اللَّهِ الذي بعَث به محمدًا Object، ويظهرُ الإسلامُ على الأديانِ كلِّها.

وقولُه: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه لنبيِّه محمدٍ Object: أشْهَدَك يا محمدُ ربُّك على نفسِه، أنه سيُظهِرُ الدينَ الذي بعَثكَ به، ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾. يقولُ: وحَسْبُك به شاهدًا.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا يحيى بنُ واضحٍ، قال: ثنا أبو بكرٍ الهُذَليُّ، عن الحسنِ: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾. يقولُ: أَشْهَدَ لك على نفسه أنَّه سيظهرُ دينَك على الدِّينِ كلِّه.

وهذا إعلامٌ من اللهِ تعالى نبيِّه Object، والذين كرِهوا الصُّلحَ يومَ الحديبيةِ من أصحابهِ، أن الله فاتحٌ عليهم مكةَ وغيرَها من البلدانِ، مُسَلِّيهم بذلك عمَّا نالَهم من


(١) في م: "ودين الحق".
(٢) سقط من: ت ٢، ت ٣.