للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال بعضُ نحويِّي البصرةِ: نُصِبت على الوقتِ. والمعنَى في: ﴿أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ﴾. أي: متى يومُ الدينِ؟ فقِيل لهم: في ﴿يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ﴾؛ لأن ذلك اليومَ يومٌ طويلٌ، فيه الحسابُ، وفيه فِتنتُهم على النارِ.

وقال بعضُ نَحويِّي الكوفةِ (١): إنما نُصِبت: ﴿يَوْمَ هُمْ﴾؛ لأنك أضَفتَه إلى شَيْئَينِ، وإذا أُضِيف "اليوم" و"الليلة" إلى اسمٍ له فعلٌ، وارتفَعا، نُصِب "اليوم"، وإن كان في موضعِ خفضٍ أو رَفعٍ، و (٢) إذا أُضِيفَ إلى "فعَل" أو "يفعَل"، [أو إذا كان كذلك] (٣)، ورفَعه في موضعِ الرفعِ، وخفَضَه في موضعِ الخفضِ [يجوز، فلو] (٤) قيل: (يَوْمُ هُم عَلَى النَّارِ يُفْتَنُون): فرُفِع "يومُ"، لكان وجهًا، ولم يَقْرَأْ به أحدٌ من القراءِ.

وقال آخرُ منهم: إنَّما نصَب ﴿يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ﴾؛ لأنه إضافةٌ غيرُ محضةٍ؛ فنُصب والتأويلُ رفعٌ، ولو رفَع لجاز؛ لأنك تقولُ: متى يومُك؟ فتقولُ: يومُ الخميسِ، ويومُ الجمعةِ. والرفعُ الوجهُ؛ لأنه اسمٌ قابَل اسمًا، فهذا الوجهُ.

وأولى القولَيْن بالصوابِ في تأويلِ قولِه: ﴿يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ﴾. قولُ مَن قال: يُعَذَّبون بالإحراقِ. لأن الفتنةَ أصلُها الاختبارُ، وإنما يُقالُ: فتنتُ الذهبَ بالنارِ. إذا طبَختَها بها لتعرفَ جودتَها فكذلك قولُه: ﴿يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ﴾ يُحْرَقون بها كما يُحْرَقُ الذهبُ بها، وأما النصبُ في اليومِ فلأنها إضافةٌ غيرُ محضةٍ، على ما وصَفنا من قولِ قائلِ ذلك.


(١) هو قول الفراء في معاني القرآن ٣/ ٨٣.
(٢) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "وإذا قال".
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "يقول لو".