للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلاهما، عن ابنِ شَوْذَبٍ، عن مَطَرٍ في قولِه: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾. قال: هل مِن طالبِ علمٍ فيُعانَ عليه (١).

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (١٨) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (١٩) تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (٢٠) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (٢١)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه: كذَّبَت أيضًا عادٌ نبيَّهم هودًا فيما أتاهم به عن اللهِ، كالذي كذَّبت قومُ نوحٍ، وكالذي كذَّبْتُم معشرَ قريشٍ نبيَّكم محمدًا صلَّى اللهُ عليه وعلى جميعِ رسلِه. ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾. يقولُ: فانْظُروا معشرَ كفرةِ قريشٍ باللهِ كيف كان عذابي إياهم، وعقابي لهم على كفرِهم باللهِ وتكذيبِهم رسولَه هودًا، وإنذاري بفعلي بهم ما فعَلتُ مَن سلَك طرائقَهم، وكانوا على مثلِ ما كانوا عليه مِن التَّمادِي في الغَيِّ والضَّلالةِ.

وقولُه: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إنا بعَثْنا على عادٍ، إذ تَمادَوْا في طُغْيانِهم وكفرِهم باللهِ، ريحًا صَرْصَرًا، وهي الشديدةُ العُصُوفِ في بردٍ، التي لصوتِها صَريرٌ، وهي مأخوذةٌ مِن شدةِ صوتِ هبوبِها، إذا سُمِع منها، كهيئةِ قولِ القائلِ: صَرْصَرَ (٢). فقيل منه: صَرْصَرٌ. كما قيل: ﴿فَكُبْكِبُوا﴾ [الشعراء: ٩٤]. من "كُبُّوا"، ونَهْنَهْتُ مِن "نَهَّهتُ" (٣).

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) أخرجه الدارمي ١/ ٩٩، وابن أبي حاتم - كما في تفسير ابن كثير ٧/ ٤٥٣ - وأبو نعيم في الحلية ٣/ ٧٦، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (١٩٤٥) من طريق ضمرة به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٣٥ إلى ابن أبي الدنيا وابن المنذر، ووقع عند الدارمي: مطرف بدلا من: مطر.
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢: "صر".
(٣) في الأصل، ت ١، ت ٣: "نهت"، وفي ت ٢: "نهنه".