للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قال: ثنا الحسنُ، عن حديثِ عمرانَ بنِ حصينٍ، عن عبدِ اللَّهِ بن مسعودٍ، قال: تحدَّثنا عندَ رسولِ اللَّهِ ﷺ ذاتَ ليلةٍ حتى أَكْرَينا (١) في الحديثِ، ثم رجَعنا إلى أَهْلِينا، فلما أَصْبَحنا غدَوْنا على رسولِ اللَّهِ ﷺ، فقال رسولُ اللَّهِ ﷺ: "عُرِضَتْ عليَّ الأنبياءُ الليلةَ بأتباعِها من أُمَمِها، فكان النبيُّ يَجِيءُ معَهُ الثُّلَّةُ من أُمَّتِه، والنبيُّ معَه العصابةُ من أُمَّتِه؛ والنبيُّ معَه النفرُ من أُمَّتِه، والنبيُّ معَه الرجلُ من أُمَّتِه، والنبيُّ ما معَه من أمتِه أحدٌ من قومِه، حتى أتَى عليَّ موسى بنُ عمرانَ في كَبْكبةٍ (٢) من بني إسرائيلَ؛ فلما رأيتُهم أعجَبُوني، فقُلْتُ: أي ربِّ، مَن هؤلاء؟ قال: هذا أخوك موسى بنُ عمرانَ ومَن معَه من بني إسرائيلَ. فقلتُ: يا ربِّ، فأينَ أُمَّتي؟ فقِيل: انظر عن يمينِك، فإذا ظِرابُ (٣) مكةَ قد سُدَّت بوجوهِ الرجالِ، فقلتُ: مَن هؤلاء؟ قِيل: هؤلاء أمَّتُك. فقيل: أَرضِيتَ؟ فقلتُ: ربِّ رضيتُ، ربِّ رضيتُ، قِيل: انظر عن يسارِك. فإذا الأفقُ قد سُدَّ بوجوهِ الرجالِ، فقلتُ: ربِّ مَن هؤلاء؟ قيل: هؤلاء أُمَّتُك. فقِيل: أرضيتَ؟ فقلتُ: ربِّ رَضِيتُ. فقِيل: إن مع هؤلاء سبعين ألفًا من أُمَّتِك، يدخُلون الجنةَ لا حسابَ عليهم". قال: فأنشَأ عُكَّاشةُ بنُ مِحْصَنٍ، رجلٌ من بني أسدِ بنِ خزيمةَ، فقال: يا نبيَّ اللَّهِ، ادْعُ رَبَّك أن يَجْعَلَني منهم. قال: "اللَّهم اجْعَلْه منهم". ثم أنشَأ رجلٌ آخرُ فقال: يا نبيَّ اللَّهِ، ادْعُ رَبَّك أن يَجْعَلَني منهم. قال: "سبَقَك بها عُكَّاشةُ". فقال نبيُّ اللَّهِ ﷺ: "فِدًى لكم أَبي وأُمِّي، إن استَطَعتم أن تَكونوا من السَّبعينَ فكونوا، فإن عجَزتم وقصَّرتم، فكونوا من أهلِ الظِّرابِ، فإن


(١) في الأصل: "أكثرنا"، وفي ت ١: "أكربنا"، وفي ت ٢، ت ٣: "أكرمنا" وأكرينا: أطلنا وأخرنا. ينظر النهاية ٤/ ١٧٠.
(٢) كبكبة، بضم الكاف وفتحها: الجماعة المتضامة من الناس وغيرهم. النهاية ٤/ ١٤٤.
(٣) الظراب: واحدها ظرِب، وهو الجبل المنبسط أو الصغير. القاموس المحيط (ظ ر ب).