للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدثنى يونسُ، قال: أخبرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ﴾ قال: هم يهودُ يُسألون عن النبيِّ وعن صفتِه في كتابِ اللهِ عندَهم، فيَكْتُمون الصفةَ.

وإنما اخترْنا القولَ الذى قُلْناه في تأويلِ ذلك، لأنَّ قولَه تعالى ذكرُه: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ﴾ في إثْرِ قصةِ مَن سمَّى اللهُ من أنبيائِه، وأمامَ قَصِّه (١) لهم، فأَوْلَى بالذى هو بيْن ذلك أن يكونَ من قَصصِهم دون غيرِه.

فإن قال قائلٌ: وأيّةُ شهادةٍ عندَ اليهودِ والنصارَى من اللهِ في أمرِ إبراهيمَ وإسماعيلَ وإسحاقَ ويعقوبَ والأسباطِ؟

قيل: الشهادةُ التى عندَهم من اللهِ في أمرِهم ما أنزل اللهُ إليهم في التوراةِ والإنجيِلِ، وأمَرَهم فيهما (٢) بالاستنانِ بسنتِهم واتباعِ مِلَّتِهم، وأنهم كانوا حنفاءَ مسلمين، فتلك هى الشهادةُ التى عندهم من اللهِ التى كتَموها حين دعاهم نبيُّ اللهِ إلى الإسلامِ، فقالوا له: ﴿لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى﴾. وقالوا له ولأصحابِه: ﴿كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا﴾. فأنزَل اللهُ فيهم هذه الآياتِ بتكذيبِهم (٣) وكتمانِهم الحقَّ، وافترائِهم على أنبياءِ اللهِ الباطلَ والزُّورَ.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٠)﴾.

يعْنى تعالى ذكرُه بذلك: وقل لهؤلاءِ اليهودِ والنصارَى الذين

يحاجُّونك يا محمدُ: ﴿وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ من كتمانِكم الحقَّ

فيما ألزَمَكم في كتابِه بيانَه للناسِ، من أمرِ إبراهيمَ وإسماعيلَ وإسحاقَ ويعقوبَ


(١) في م: "قصته".
(٢) في م، ت ١، ت ٢: "فيها".
(٣) في م: "في تكذيبهم".