للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد تقدَّم بيانُنا في معنى الحوارِيِّ بشواهدِه واختلافِ المُخْتلِفين فيه قبلُ فيما مضَى، فأغنَى عن إعادتِه (١).

وقولُه: ﴿قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ﴾. يقولُ: قالوا: نحن أنصارُ اللَّهِ على ما بعَث به أنبياءَه من الحقِّ.

وقولُه: ﴿فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: فآمَنت طائفةٌ من بني إسرائيلَ بعيسى، وكفَرت طائفةٌ منهم به.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني أبو السائبِ، قال: ثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن المِنهالِ، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ، عن ابنِ عباسٍ، قال: لما أراد اللَّهُ أن يرفعَ عيسى إلى السماءِ، خرَج إلى أصحابِه - وهم في بيتٍ اثْنا عشرَ رجلًا - من عينٍ في البيتِ ورأسُه يَقْطُرُ مَاءً. قال: فقال: إن مِنكم من سيَكْفُرُ بي اثْنَتَي عشْرةَ مرَّةً بعدَ أن آمَن بي. قال: ثم قال: أيُّكم يُلْقَى عليه شَبَهِي فيُقْتَل مكاني، ويكونَ معي في درَجتي؟ قال: فقام شابٌّ من أحدثِهم سنًّا، قال: فقال: أنا. فقال له: اجْلِسْ. ثم أعاد عليهم، فقام الشابُّ، فقال: أنا. قال: نعم أنت ذاك. قال: فأُلقِيَ عليه شَبَهُ عيسى، ورُفِع عيسى مِن رَوْزَنَةٍ (٢) في البيتِ إلى السماءِ. قال: وجاء الطَّلَبُ مِن اليهودِ، وأَخَذوا شَبَهَه، فقتَلوه وصَلَبوه، وكفَر به بعضُهم اثْنَتَي عشْرةَ مرَّةً بعد أن آمَن به، فتفرَّقوا ثلاثَ فرَقٍ؛ فقالت فرقةٌ: كان اللَّهُ فينا ما شاء، ثم صعِد إلى السماءِ. وهؤلاء اليعقوبيةُ،


(١) ينظر ما تقدم في ٥/ ٤٤٢، ٤٤٣.
(٢) الروزنة: الكُوَّة. اللسان (رزن).