للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى يَأْتِيَنا ربُّنا. فيُقالُ لهم: هل تَعْرِفونه إذا رأيتموه؟ فيقولون: إن اعترَف لنا عرَفناه (١).

قال: وثنى أبو صالحٍ، عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ : "حتى إن أحدَهم ليَلْتَفُّ (٢)، فيُكشَفُ عن ساقٍ، فيَقَعون سجودًا، قال: وتُدْمَجُ أصلابُ المنافِقين حتى تكونَ عظمًا واحدًا، كأنها صياصي البقرِ. قال: فيُقالُ لهم: ارفَعوا رءوسَكم إلى نورِكم بقدرِ أعمالِكم. قال: فتَرْفَعُ طائفةٌ منهم رءوسَهم إلى مثلِ الجبالِ من النورِ، فيَمُرُّون على الصراطِ كطرفِ العين، ثم تَرْفَعُ أخرى رءوسَهم إلى أمثالِ القصورِ، فيَمُرُّون على الصراط كمرِّ الريحِ، ثم يَرْفَعُ آخرون بينَ أيديهم أمثالَ البيوتِ، فيَمُرُّون كحُضْرِ (٣) الخيلِ، ثم يُرْفَعُ آخرون إلى نورٍ دون ذلك، فيَشِدُّون شدًّا (٤)، وآخرون دونَ ذلك يَمْشُون مَشْيًا، حتى يَبْقَى آخر الناسِ رجلٌ على أنملةِ رجله مثلُ السراجِ، فيَخِرُّ مرةً، ويَسْتَقِيمُ أخرى، وتُصيبُه النارُ فتَشْعَثُ (٥) منه، حتى يَخْرُجَ فيقولَ: ما أُعْطِيَ أَحدٌ ما أُعْطِيتُ -ولا يَدْرِى مما نجا- غيرَ أني وجَدتُ مسَّها، وإنى وَجَدْتُ حرَّها" (٦). وذَكَر حديثًا فيه طولٌ، اختصَرتُ هذا منه.


(١) أخرجه ابن نصر في تعظيم قدر الصلاة (٢٧٩، ٢٨١) من طريق الأعمش به، وأخرجه ابن خزيمة في التوحيد ص ١٥٥، والحاكم ٢/ ٣٧٦ من طريق المنهال عن أبي عبيدة عن مسروق عن عبد الله بن مسعود بنحوه.
(٢) في ت ١: "ليلفت"، وفى الإيمان لابن منده: "ينقلب"، ولعله الصواب؛ والمعنى: يكاد أحدهم ينصرف ويرجع عن الصواب للامتحان الشديد الذى جرى. والله أعلم. وينظر صحيح مسلم (١٨٣/ ٣٠٢).
(٣) في م: "كمر"، وفي ت ٢: "كجير"، وفى ت ٣: "كجيد". والحضر: ارتفاع الفرس في عَدْوِه، وفرس مِحْضار: شديد العدو. التاج (ح ض ر).
(٤) الشد: العَدْو. اللسان (ش د د).
(٥) شَعِثْتُ من الطعام: أكلت قليلا. اللسان (ش ع ث).
(٦) أخرجه ابن منده في الرد على الجهمية (٨) من طريق يحيى بن حماد به مختصرا، وفي الإيمان (٨١١، ٨١٢) من طريق الأعمش به بنحوه.