للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نصبٌ على البدل من الهاءِ، وخبرُ "إِنَّ" ﴿نَزَّاعَةً﴾. قال: وإِن شئتَ جَعَلْتَ ﴿لَظَى﴾ رفعًا على خبرِ "إِنَّ"، ورَفَعْت ﴿نَزَّاعَةً﴾ على الابتداءِ.

وقال بعضُ مَن أنكَر ذلك: لا يَنْبَغِى أن يَتْبَعَ الظاهرُ المَكْنىَّ إلا في الشذوذِ. قال: والاختيارُ ﴿إِنَّهَا لَظَى (١٥) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى﴾. ﴿لَظَى﴾ الخبرُ، و ﴿نَزَّاعَةً﴾ حالٌ. قال: ومَن رفَع اسْتَأْنَف؛ لأنه مدحٌ أو ذمٌّ، قال: ولا تكونُ ابتداءً إلا كذلك.

والصوابُ من القولِ فى ذلك عندَنا أن ﴿لَظَى﴾ الخبرُ، و (نَزَّاعَةٌ) ابتداءٌ، فلذلك رُفِعَ، ولا يَجوزُ النصبُ فى القراءةِ؛ لإجماعِ قرأةِ الأمصارِ على رفعِها، ولا قارئَ قرأ كذلك بالنصبِ (١)، وإن كان للنصبِ فى العربية وجهٌ. وقد يَجوزُ أن تكونَ الهاءُ من قولِه: "إنها". عِمادًا، و "لظى" مرفوعةٌ بـ "نزاعةٌ"، و "نزاعةٌ" بـ "لظى"، كما يقالُ: إنها هندٌ قائمةٌ، وإنه هندٌ قائمةٌ. فالهاءُ عمادٌ في الوجهين.

وقولُه: ﴿نَزَّاعَةً لِلشَّوَى﴾. يقولُ تعالى ذكرُه مخبرًا عن "لظى" أنها تَنْزِعُ جلدةَ الرأسِ وأطرافَ البدن. والشَّوَى جمعُ شَواةٍ، وهي مِن جوارحِ الإنسانِ ما لم يَكُنْ مَقْتَلًا، يقالُ: رمَى فَأشْوَى. إذا لم يُصِبْ مَقْتَلًا، فربما وصَف الواصفُ بذلك جلدةَ الرأسِ، كما قال الأَعْشَى (٢):

قالت قتيلةُ ما لَهُ … قد جُلِّلَتْ شَيْبًا شَوَاتُهْ

وربما وصَف بذلك الساقَ، كقولِهم في صفةِ الفرسِ: عبلُ (٣) الشَّوَى، نَهْدُ (٤) الجُزارَةِ، يعنى بذلك قوائمَه. وأصلُ ذلك كلِّه ما وصَفْتُ.


(١) قراءة النصب متواترة، وبها قرأ حفص عن عاصم. النشر ٢/ ٢٩٢.
(٢) البيت فى مجاز القرآن ٢/ ٢٦٩، واللسان (ش و ي).
(٣) العبل: الضخم من كل شيء. اللسان (ع ب ل).
(٤) فرس نهد: جسيم مشرف. اللسان (ن هـ د).