للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَقْتَصُّ لهم ممن فعَل ذلك بهم، ولا تَحُولُ بينَهم وبينَ ما فُعِل بهم.

وقولُه: ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾. [يقولُ تعالى ذكرُه: وقال نوحٌ ربِّ لا تَذَرْ على الأَرْضِ من الكافرين ديَّارًا] (١). ويعنى بالدَّيَّارِ من يَدُورُ في الأرضِ، فَيَذْهَبُ ويَجِيءُ فيها، وهو فَيْعالٌ من الدورانِ "دَيْوارًا"، اجتمَعت الياءُ والواوُ، فسبَقت الياءُ الواوَ وهى ساكنةٌ، وأُدغِمت الواوُ فيها، وصُيِّرتا ياءً مشددةً، كما قيلَ: الحَىُّ القَيَّامُ. مِن: قُمْت، وإنما هو قَيْوَامٌ. والعربُ تقولُ: ما بها دَيَّارٌ، ولا عريبٌ، ولا دَوِّىٌّ (٢)، ولا صافرٌ، ولا نافخُ ضَرَمةٍ (٣). تعنى بذلك كلِّه: ما بها أحدٌ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (٢٧) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (٢٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه مخبرًا عن قيلِ نوحٍ في دعائِه إياه على قومِه: إنك يا ربِّ إن تَذَرِ الكافرين أحياءً على الأرضِ، ولم تُهْلِكْهم بعذابٍ من عندِك، يُضِلُّوا عِبادَك الذين قد آمنوا بك، فيصدُّوهم عن سبيلِك، ولا يَلِدوا إلا فاجِرًا في دينِك، كَفَّارًا لنعمتِك.

وذُكِر أن قيلَ نوحٍ هذا القولَ ودعاءَه هذا الدعاءَ، كان بعدَ أن أَوْحَى إليه ربُّه: ﴿أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ﴾ [هود: ٣٦].


(١) سقط من: م.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "دبي". والدَّوِّىُّ منسوب إلى الدَّوِّ، وهى الفلاة الواسعة، وهى أرض من أرض العرب بين البصرة واليمامة. وقولهم: ما بها دَوِّى. أى ما بها أحد ممن يسكن الدو. ينظر اللسان (د و و).
(٣) الضَّرَمة: النار. الوسيط (ض ر م).