للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرَنا ابن وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾. قال: زادهم الجنُّ خوفًا (١).

وأولى الأقوالِ فى ذلك بالصوابِ قولُ مَن قال: معنى ذلك: فزاد الإنسُ الجنَّ بفعلِهم ذلك إثمًا، وذلك أنهم (٢) زادوهم (٣) استحلالًا لمحارمِ اللهِ. والرَّهَقُ في كلامِ العربِ: الإثمُ وغِشْيانُ المحارمِ، ومنه قولُ الأعشى (٤):

لا شَيْءَ يَنْفَعُنِي مِن دونِ رُؤْيَتِها … هَلْ يَشْتَفِي وَامِقٌ (٥) مَا لَم يُصِبْ رَهَقَا

يقول: ما لم يغْشَ محرَّمًا.

القولُ في تأويل قولِه ﷿: ﴿وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا (٧) وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (٨)﴾.

قال أبو جعفرٍ: يقولُ تعالى ذكرُه مخبِرًا عن قيلِ هؤلاءِ النفرِ مِن الجنِّ: ﴿وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا (٧)﴾. يعنى أنَّ الرجالَ من الجنِّ ظنُّوا كما ظنَّ الرجالُ من الإنسِ أنْ لن يَبْعَثَ اللهُ أحدًا رسولًا إلى خَلْقِه، يدعوهم إلى توحيدِه.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن الكلْبيِّ: ﴿وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا


(١) ذكره القرطبي في تفسيره ١٩/ ١٠، وابن كثير في تفسيره ٨/ ٢٦٦.
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) بعده فى ص، م، ت ١، ت ٣: "به".
(٤) البيت في ديوانه ص ٣٦٥.
(٥) الوِماق: محبة لغير رِيبة. اللسان (و م ق).