للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابنُ عباسٍ وعكرمةُ [ومن ذكرنا قولَه] (١) عليه أكثرُ السلفِ، من أنه عُنِى به جسمَك فطهِّرْ من الذنوبِ، واللهُ أعلمُ بمرادِه مِن ذلك.

وقولُه: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾. اختَلَفت القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأه بعضُ قرأةِ المدينةِ وعامةُ قرأةِ الكوفةِ: (والرَّجْزَ) بكسرِ الراءِ. وقرَأه بعضُ المكيين والمدنيين ﴿وَالرُّجْزَ﴾ بضمِّ الراءِ (٢)، فمَن ضمَّ الراءَ وجَّهه إلى الأوثانِ، وقال: معنى الكلامِ: والأوثانَ فاهْجُرْ عبادتَها واتْرُكُ خدمتَها، ومَن كسرَ الراءَ وجَّهه إلى العذابِ، وقال: معناه: والعذابَ فاهْجُرْ، أي: ما أَوْجَب لك العذابَ مِن الأعمال فاهْجُرْ.

والصوابُ مِن القولِ في ذلك أنهما قراءتان معروفتان، فبأيتِهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ، والضمُّ والكسرُ في ذلك لغتان بمعنًى واحدٍ، ولم نجد أحدًا مِن مُتَقَدِّمي أهلِ التأويلِ فرَّق بينَ تأويلِ ذلك، وإنما فرَّق بين ذلك فيما بلَغنا الكسائيُّ.

واختَلَف أهلُ التأويلِ في معنى: ﴿وَالرُّجْزَ﴾ في هذا الموضعِ؛ فقال بعضُهم: هو الأصنامُ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنى عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ في قولِه: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾. يقولُ: السُّخطَ، وهو الأصنامُ (٣).

حدثَّني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثنى


(١) في م، ت ١، ٢، ت ٣: "وابن زكريا قول".
(٢) قرأ أبو جعفر ويعقوب وحفص بضم الراء، وقرأ الباقون بكسرها. النشر ٢/ ٢٩٤.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٨١ إلى المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.