للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى الصلاةِ إلى قبلةِ المسجدِ الحرامِ، ما صدَّقوا به ولا تبِعوا -مع قيامِ الحُجَّةِ عليهم بذلك- قبلتَك التى حولتُك إليها، وهى التوجُّهُ شَطرَ المسجدِ الحرامِ.

وأُجِيبتْ ﴿وَلَئِنْ﴾ بالماضى من الفعلِ، وحكْمُها الجوابُ بالمستقبلِ، تشبيهًا لها بـ "لو"، فأجِيبت بما تُجابُ به "لو" لتقارُبِ معنَيَيْهما. وقد مضَى البيانُ عن نظيرِ ذلك فيما مضَى (١). وأُجِيبتْ ﴿وَلَئِنْ﴾ (٢) بجوابِ الأيْمانِ، ولا تفعَلُ العربُ ذلك إلا فى الجزاءِ خاصةً؛ لأن الجزاءَ مُشابهُ اليمينِ فى أن كلَّ واحدٍ منهما لا يَتِمُّ أولُه إلا بآخرِه، ولا يتمُّ وحدَه، ولا يصِحُّ إلَّا بما يؤكَّدُ به بعدَه. فلما بدَأ باليمينِ فأُدخِلت على الجزاءِ، صارت اللامُ الأُولى بمنزلةِ يمينٍ، والثانيةُ بمنزلةِ جوابٍ لها، كما قيل: لعمرُكَ لتقُومَنَّ. إذْ كثُرت اللامُ من "لعمرُك" حتى صارت كحرفٍ من حروفِه، فأُجِيبتْ بما تجابُ به الأيمانُ، إذْ كانت اللامُ تنوبُ فى الأيْمانِ عن الأيمانِ دونَ سائرِ الحروفِ غيرِها (٣) التى هى أجوبةُ الأيمانِ، فتدلُّ على الأيمانِ، وتعمَلُ عملَ الأجوبةِ، ولا تدُلُّ سائرُ أجوبةِ الأيمانِ (٤) على الأيمانِ، فشُبهت اللَّامُ التى [هى جوابٌ للأيمانِ] (٥) بالأيمانِ، لما وصفْنا، فأُجِيبتْ بأجوبتِها.

فكان معنى الكلامِ، إذ كان الأمرُ على ما وصفْنا: [واللهِ] (٦) لو أتيتَ الذين أُوتوا الكتابَ بكلِّ آيةٍ ما تبِعوا قبلتَك.

وأما قولُه: ﴿وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ﴾ يقولُ: وما لكَ من سبيلٍ يا محمدُ إلى


(١) ينظر ما تقدم فى ص ٣٧٢، وينظر معانى القرآن ١/ ٨٤.
(٢) فى م: "لو".
(٣) فى م، ت ٢، ت ٣: "غير".
(٤) بعده فى م، ت ٢، ت ٣: "لنا".
(٥) فى م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فى جواب الأيمان".
(٦) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.