للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾. قال: لو شاء جعَل بنانَه مثلَ خفِّ البعيرِ، أو حافرِ الدابةِ (١).

حُدِّثتُ عن الحسينِ، قال: سمِعتُ أبا معاذٍ يقولُ: ثنا عبيدٌ، قال: سمِعتُ الضحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾. قال: البنانُ: الأصابعُ، يقولُ: نحن قادِرون على أن نجعلَ بنانَه مثلَ خفِّ البعيرِ (٢).

واختلف أهلُ العربيةِ في وجهِ نصبِ: ﴿قَادِرِينَ﴾؛ فقال بعضُهم: نُصِب لأنه واقعٌ موقعَ "نَفْعَلُ"، فلما رُدَّ إلى "فاعلٍ" نُصب. وقالوا: معنى الكلام: أَيَحْسَبُ الإنسانُ أن لن نَجْمَعَ عظامَه، بلى نَقْدِرُ (٣) على أن نُسَوِّي بنانَه. ثم صُرِف "نَقْدِرُ" إلى ﴿قَادِرِينَ﴾. وكان بعضُ نحويِّى الكوفةِ يقولُ: نُصب على الخروجِ من: "نجمع"، كأنه قِيل في الكلامِ: أَيَحْسَبُ أن لن نقوَى عليه؟ بلى قادِرين على أَقْوى منك. [يريدُ: بلى] (٤) نَقْوَى مُقْتَدِرين على أكثرَ (٥) من ذا. وقال: قولُ الناسِ: بلى نَقْدِرُ، فلما صُرِفت إلى قادرين نُصِبت - خطأٌ؛ لأن الفعلَ لا يُنْصَبُ بتحويلِه من "يَفْعَلُ" إلى "فاعلٍ". ألا ترَى أنك تقولُ: أتقومُ إلينا. فإن حوَّلتها إلى "فاعلٍ" قلت: أقائمٌ، وكان خطأً أن تقولَ: قائمًا. قال: وقد كانوا يَحْتَجُّون بقولِ الفرزدقِ (٦):

عَلَى قسَمٍ لا أَشْتُمُ الدهرَ مُسْلِمًا … ولا خارِجًا مِن فيَّ زورُ كلامِ


(١) في ت: "الحمار". والأثر أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٣٣٣ عن معمر به.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٨٧ إلى ابن المنذر.
(٣) في الأصل، ت ٣: "قادرين".
(٤) في الأصل: (قوة)
(٥) في ص، ت ١، ت،٢، ت ٣: "أكبر".
(٦) ديوانه ص ٧٦٩.