للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كالأبوابِ. فلما أُسْقِطت الكافُ صارت الأبوابُ الخبرَ. كما يُقالُ في الكلامِ: كان عبدُ اللهِ أسدًا: كالأسدِ.

وقولُه: ﴿وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا﴾. يقولُ: ونُسِفت الجبالُ فاجتُثَّت من أصولِها، فصُيِّرت هباءً مُنبثًّا لعينِ الناظرِ، كالسرابِ الذي يَظُنُّ مَن يَراه من بُعدٍ ماءً، وهو في الحقيقةِ هباءٌ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (٢١) لِلطَّاغِينَ مَآبًا (٢٢) لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (٢٣) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (٢٤) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (٢٥)﴾.

يعنى تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿إِنَّ جَهَنَّمَ [كَانَتْ مِرْصَادًا﴾: إن جهنَّمَ كانت] (١) ذاتَ رصدٍ لأهلِها الذين كانوا يُكَذِّبون في الدنيا بها، وبالمعاد إلى الله في الآخرةِ، ولغيرِهم من المصدِّقين بها. ومعنى الكلامِ: إن جهنمَ كانت ذاتَ ارتقابٍ، تَرْقُبُ من يجتازُها وتَرْصُدُهم.

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا زكريا بنُ يحيى بن أبي زائدةَ، قال: ثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، عن عبدِ اللهِ بن بكرِ بن عبدِ اللهِ المُزَنيِّ، قال: كان الحسنُ إذا تلا هذه الآية: ﴿إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا﴾. قال: ألا إن على البابِ الرَّصَدَ، فمن جاء بجواز جاز، ومن لم يَجِئْ بجوازٍ احتبَس (٢).


(١) سقط من: م.
(٢) أخرجه البيهقى في شعب الإيمان (٩٠١) من طريق عبد الله بن بكر به.