للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿وَوُجُوهٌ﴾. وهى وجوهُ الكفارِ، ﴿يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ﴾. ذُكِر أن البهائمَ التي يُصَيرُها اللَّهِ ترابًا يومَئِذٍ بعدَ القضاءِ بينَها، يُحوَّلُ ذلك الترابُ غَبَرَةً في وجوهِ أهلِ الكفرِ،

﴿تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ﴾. يقولُ: يغشَى تلك الوجوهَ قَتَرَةٌ؛ وهي الغَبَرَةُ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ﴾. يقولُ: تغشاها ذلةٌ (١).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ﴾. قال: هذه وجوهُ أهلِ النارِ. قال: والقَتَرةُ مِن الغَبَرةِ. قال: وهما واحدٌ. قال: فأما في الدنيا فإن القترةَ ما ارتفَع فلحِق بالسماءِ ورفعَته الريحُ، تسميه العربُ القترةَ؛ وما كان أسفلَ في الأرضِ فهو الغبرةُ.

وقولُه: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ﴾ يقولُ تعالى ذكرُه: هؤلاء الذين هذه صفتُهم يومَ القيامةِ هم الكفرةُ باللهِ، كانوا في الدنيا الفجرةَ في دينِه (٢)، لا يبالون ما أتَوا به من معاصى اللَّهِ، وركِبوا مِن محارمِه، فجزاهم اللَّهُ بسوءِ أعمالِهم ما أخبر به عبادَه.

آخرُ تفسيرِ سورةِ "عبس"


(١) تتمة الأثر المتقدم في الصفحة السابقة.
(٢) في م: "دينهم".