للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِسْكٌ﴾ سوى الكسائيِّ، فإنه كان يقرؤُه (خاتَمُه مِسْكٌ) (١).

والصوابُ مِن القولِ عندَنا في ذلك ما عليه قرأةُ الأمصارِ، وهو: ﴿خِتَامُهُ﴾ (٢)؛ لإجماعِ الحجةِ من القرأةِ عليه. والختِامُ والخاتَمُ وإن اختلَفا في اللفظِ، فإنهما متقارِبان في المعنى، غيرَ أن الخاتمَ اسمٌ والختامَ مصدرٌ، ومنه قولُ الفرزدقِ (٣):

فَبِتْنَ بِجانِبَيَّ مُصَرَّعَاتٍ … وبِتُّ أفُضُّ أغْلاقَ الخِتامِ

ونظيرُ ذلك قولُهم: هو كريمُ الطابَعِ (٤) والطباعِ.

وقولُه: ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وفي هذا النعيم الذي وصف جلَّ ثناؤُه أنه أعطى هؤلاء الأبرارَ في القيامةِ، فليتنافَسِ المتنافِسون. والتنافسُ أن يَنْفَسَ الرجلُ على الرجلِ بالشيءِ يكونُ له، ويتمنَّى أن يكونَ له دونَه، وهو مأخوذٌ من الشيءِ النفيسِ، وهو الذي تحرصُ عليه نفوسُ الناسِ وتطلبُه وتشتهِيه، وكأنَّ معناه في ذلك: فليجدَّ الناسُ فيه، وإليه فليستبِقوا في طلبِه، ولتحرصْ عليه نفوسُهم.

القولُ في تأويل قولِه تعالى: ﴿وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (٢٧) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (٢٨) إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ومِزامجُ هذا الرحيقِ من تسنيمٍ، والتسنيمُ التفعيلُ، من قولِ


(١) ينظر السبعة لابن مجاهد ص ٦٧٦.
(٢) القراءتان كلتاهما صواب.
(٣) ديوانه ص ٨٣٦.
(٤) في م: "الطبائع".