للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحقَّقها اللهُ للاستماعِ لأمرِه في ذلك والانتهاءِ إلى طاعتِه.

واختلَف أهلُ العربيةِ في موقعِ (١) جوابِ قولِه: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾. وقولِه: وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ له؛ فقال بعضُ نحويِّي البصرةِ: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾. على معنى قولِه: يأيُّها الإنسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إلى ربِّكَ كَدْحًا فمُلاقِيه إذا السماءُ انشَقَّت. على التقديم والتأخير.

وقال بعضُ نحويِّى الكوفةِ (٢): قال بعضُ المفسِّرين: جوابُ ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾، قولِه: ﴿وَأَذِنَتْ﴾. قال: ونرَى أنه رأىٌ ارتآه المفسرُ، وشبَّهه بقولِ اللهِ تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾ [الزمر: ٧٣]؛ لأنا لم نسمعْ جوابًا بالواوِ في "إذا" مبتدأةً، ولا كلامَ قبلَها، ولا في "إذا" إذا ابتُدِئت. قال: وإنما تجيبُ العربُ بالواو في قولِه: حتى إذا كان. و: فلما (٣) أن كان. لم يجاوِزوا ذلك. قال: والجوابُ في: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾. وفى: ﴿وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ﴾ كالمتروكِ؛ لأن المعنى معروفٌ قد تردَّد في القرآنِ معناه فعُرِف، وإن شئتَ كان جوابُه: ﴿يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ﴾. كقولِ القائلِ: إذا كان كذا وكذا، فيأيُّها الناسُ (٤) تَرَون ما عمِلتم من خيرٍ أو شرٍّ. تَجْعَلُ (٥) ﴿يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ﴾ هو الجوابَ، وتُضَمِّنُ (٦) فيه الفاءَ، وقد فسِّر جوابُ: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾ فيما يلقَى الإنسانُ من ثوابٍ وعقابٍ، فكأن المعنى: ترى الثوابَ والعقابَ إذا السماءُ انشَقَّت.

والصوابُ من القولِ في ذلك عندَنا أن جوابَه محذوفٌ، تُرِك استغناءً بمعرفةِ


(١) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "موضع".
(٢) هو الفراء في معاني القرآن ٣/ ٢٤٩.
(٣) في ص: "فلما"، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣: "قلما".
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الإنسان".
(٥) في ص، ت ١، ت،٢، ت ٣: "فجعل".
(٦) في م: "تضمر".