للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حدَّثني المروزيُّ] (١)، عن الحسينِ، قال: سمعتُ أبا معاذٍ يقولُ: أخبَرَنا عبيدٌ، قال: سمِعتُ الضحاكَ يقولُ في قوله: ﴿بِعَادٍ (٦) إِرَمَ﴾: [الإرمُ: الهالكُ] (٢)، ألا ترَى أنك تقولُ: أَرِم بنو فلانٍ. أي هلَكوا (٣).

والصوابُ من القولِ في ذلك عندنا أن يقالَ: إن إرمَ إما اسمُ بلدةٍ كانت عادُ تسكنُها، فلذلك رُدَّت على عادَ على الإتباعِ لها، ولم تُجْرَ من أجلِ ذلك، وإما اسمُ قبيلةٍ فلم تُجْرَ أيضًا، كما لا تُجْرَى أسماءُ القبائلِ؛ كتميمَ وبكرَ، وما أشبةَ ذلك إذا أرادوا به قبيلةً. وأما اسمُ عادَ فلم يُجرَ، إذ كان اسمًا أعجميًّا.

فأما ما ذُكِر عن مجاهدٍ، أنه قال: عُنِى بذلك القديمةُ. فقولٌ لا معنى له؛ لأن ذلك لو كان معناه لكان مخفوضًا (٤) بالتنوينِ، وفى تركِ الإجراءِ الدليلُ على أنه ليس بنعتٍ ولا صفةٍ.

وأشبهُ الأقوالِ فيه بالصوابِ عندى أنها اسمُ قبيلةٍ من عادَ؛ ولذلك جاءت القراءةُ بتركِ إضافةِ عادَ إليها وتركِ إجرائِها، كما يقالُ: ألم ترَ ما فعَل ربُّك بتميم نهشلَ. فتُرِك (٥) نهشلُ، وهى قبيلةٌ فتُرِك إجراؤُها لذلك، وهي في موضعِ خفضٍ بالردِّ على تميمَ، ولو كانت ﴿إِرَمَ﴾ اسمَ بلدةٍ أو اسمَ جدٍّ لعادٍ لجاءت القراءةُ بإضافِة عادَ إليها، كما يقالُ: هذا عمرُو زبيدٍ وحاتمُ طيئ وأعشى هَمْدَانَ، ولكنها اسم قبيلةٍ منها فيما أرى كما قال قتادةُ واللهُ أعلمُ؛ فلذلك أجمَعت القرأةُ فيها على تركِ الإضافةِ وتركِ الإجراءِ.

وقولُه: ﴿ذَاتِ الْعِمَادِ﴾. اختلَف أهلُ التأويلِ في معنى قولِه: ﴿ذَاتِ


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "حدثت". وتقدم في ص ٣٤٧.
(٢) في ص، م: "الهلاك"، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣: "الهالك"، وفي مصدر التخريج: "الإرم: الهلاك".
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٤٧ إلى ابن أبي حاتم.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "محفوظًا".
(٥) في م: "فيترك إجراء".